الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / “رقصة الأناكوندا” للروائية سعدية بلكارح/ بقلم: بوسلهام عميمر

“رقصة الأناكوندا” للروائية سعدية بلكارح/ بقلم: بوسلهام عميمر

 

                                                       

                                                  

“الجريمة ثلاثية الأبعاد”

           هجرة وأحلام وردية، مافيات، مخدرات، جنس، أسلحة، تصفيات وتحقيقات

بمهارة المتمكن من صنعته، استطاعت الروائية والشاعرة سعدية بلكارح في روايتها هاته

“رقصة الأناكوندا”، أن تبحر بنا في عوالم قل من يطرق أبوابها في عالمنا العربي؛ الرواية

البوليسية، إذا استثنينا بعض الأسماء من داخل الجسم الأمني من أمثال الراحل ميلودي

حمدوشي من المغرب، مارس الشرطة و درس علم الإجرام ليتولى تدريسه بالتعليم العالي.

فالكتابة عن المافيات وما يرتبط بها من جرائم غاية في التعقيد، والتحقيقات البوليسية و تتبع

خيوطها المتشابكة “كانت الأحداث ككبة صوف تلعب بها قطة يتشابك أول الخيط بآخره

165 ليست بالأمر الهين، يسهل على أي كان اقتحام مجاهلها، والخوض في مضاربها،

خاصة و إنها ليست كأية مافيات “إنها عصابات المافيا التي كنت تتعامل معها بعلمك أو

بدون بعلمك. وصهرك من قبل كان عضوا بارزا فيها. أنهم تجار السلاح والمخدرات

والنساء مع تبييض الأموال” ص244، كما ورد على لسان العميل الدولي المعروف

بالشمالي إلى بطل الرواية أحمد كوفين لقبه اللاحق، بعدما تخلى عن اسمه الحقيقي عبد الله

الدادسي المنحدر من مدينة تنغير، على إثر زواج على عجل من جانيت إحدى السائحات

الفنلنديات الثريات. ليتولى في ظرف قياسي شؤون المشاريع الضخمة لأبيها الذي توفي في

ظروف غامضة. فيندم بعد أكثر من عشر سنوات قائلا لما توالت الأهوال على رأسه

وجثمت على صدره “هذا المال نقمة علي وأنا نقمة على من أحبهم. هناك لعنة تتبعني

أينما حللت. إنها لعنة اسمي الذي تخليت عنه، لما كنت عبد الله الفقير المحب الطيب كانت

سعادتي حولي: هي أمي، إخوتي، وهواء تنغير. وحينما اكتسبت حقيبة سوداء لا تبرحني،

تبعتني لعنة بلون حقيبتي” ص213

الرواية من عنوانها “رقصة الأناكوندا” عتبتها الرئيسية الموحية، و الأناكوندا على صورة

غلافها، أخطر أنواع الأفاعي وأكبرها، تلتف حول ضحاياها وتعصرهم إلى أن يلفظوا

أنفاسهم قبل افتراسهم. فهل لها علاقة بطبيعة عمل المافيات و خططهم الرهيبة للإيقاع

بضحاياها “المنتمي إليها مفقود، ومغادرها مولود”، وإن كان ناذرا ما يفلت أحد من بين

مخالبها سالما. هي اليوم إحدى الاستراتيجيات الحربية تعرف ب”أنشوطة الأناكوندا”

فعلى امتداد صفحات روايتها الخمسة والأربعين بعد المائتين، و باقتدار كبار كتاب الرواية

البوليسية، تحبس أنفاس القارئ وتأخذ بتلابيبه من بدايتها إلى نهايتها، تشويقا وإثارة.

زاوجت فيها عبر أبوابها الواحد والثلاثين بين قمة الرومانسية وشاعريتها في بداية علاقة

عبد الله/ أحمد بجانيت انتهت على عجل بالزواج، يقول في ص 72 “ربما أنا رأيت فيها

حلم شاب منبهر بالغرب“، علما فقد توافق رأيه مع رأي صديقتها الفرنسية كارولين بقولها

أنها ستفقد بزواجها هذا الكثير من حريتها يقول “وأنا شاطرتها التخوف الذي لم أجرؤ على

إظهاره. مجتمعي يؤمن بالعادات و يتشربها كالهواء” ص73 فيتساءل قائلا “فهل ستنجح

جانيت في التكيف مع أجوائنا وتقاليدنا؟“، وإن كان ساورته فيما بعد بعض الشكوك حول

سفره يقول في ص 187 “شبكت يدي تحت رأسي، وأخذت أحملق في السقف. سرحت

بعيدا. امتزجت الرغبة بالرهبة. لم أعد أميز هل أفرح وأطيع عقلي أم أجزع وأوافق

قلبي؟” لكن سرعان ما ترجح لديه كفة الهجرة، بعدما استرجع ذكريات أبيه الذي قضى في

الخدمة المخزنية ردحا من الزمن دون أن يحقق شيئا يذكر، بسبب وفائه وإخلاصه

والتزامه، إذ ظل مرؤوسا إلى أن قضى نحبه ف “بيعت سيارته المهترئة في سوق الخردة

بأبخس الأثمُن” ص188، فيما زملاؤه من الانتهازيين ترقوا مرات متتاليات، وبين قمة

الدرامية والمأساوية، يبلغ الضجر والقنوط بأحمد ليتوجه إلى صديقه د.رامي قائلا ص

221، “تتعاقب علينا المشاكل. فلا نكاد نرتاح حتى تنبري أمامنا عقبة أخرى. ما هذا يا

إلهي؟” فكانت نهايته المأساوية بمراكش، بعدما حاصره المحقق الدولي الشمالي بمجموعة

من المعطيات تدينه. يقول له في ص233، “كانت مهمتنا متابعة خيوط عملية

مشبوهة، بدأ حوكها خارج الوطن” ففكت لأحمد بعض أزرار لغز ظل يؤرقه ردحا

من الزمن، إذ ظل يتساءل مع نفسه “من أطلق النار علينا تلك الليلة؟ ..السجن يطاردني

في الحلم وفي اليقظة. تبا لحظي العاثر” ص9.

وتبقى الكتابة الإبداعية، مهما تضمنته من رسائل قوية لمن يهمه الأمر، كهذه الرسالة  التي

تتعلق بحرمان الفتيات من متابعة دراستهن رغم تفوقهن ص181، “للأسف أن يتعذر وجود

مؤسسة للتعليم الثانوي بالقرب منا مما يحجم بناتنا عن إكمال تعليمهن“، أو ما جاء على

لسان بطل الرواية عبد الله/أحمد، موجها كلامه إلى صديقه د.رامي لما انكشف أمره، بتأثر

بالغ في خاتمة الرواية، إلى الحالمين بالهجرة قائلة على لسان أحمد ص244 “إذن أنا يا

رامي طلعت أغبى رجل في العالم … أني بريء يا أمي. بريء يا وطني. لكنني ساذج تبع

البريق فوقع على وجهه في المستنقع ..بصوت كسير يتابع وقد وهن أكثر: استنكفت عن

أهلي وعن بلدي، فضيعني المال والشهرة”، مؤكدة أن دجاجة الهجرة لا تبيض الذهب

دائما. ومهما احتوته من قيم ومضامين غاية في الأهمية، كقولها في ص213 “شيء واحد

اقتنعت به: المال وحده لا يصنع السعادة. السعادة في الحب والحب لا يباع في الأسواق.

أنا أملك المال لكني لا أملك السعادة. هذا المال نقمة علي. وأنا نقمة على من أحبهم

فأي إبداع لا قيمة له، إذا افتقد مقومات الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه. روايتنا هاته، ففضلا

عن حبكتها الدرامية المؤثثة بكل ألوان الكتابة البوليسية أو ما يسمى بأدب الجريمة، من تتبع

أطوار الجريمة عبر أفضيتها بين المغرب وفنلندا وكندا، و شخوصها الملتبسة، فإذا استثنينا

د. رامي، فكل الشخوص ليسوا على ظاهرهم ابتداء من بطلها عبد الله الدادسي /أحمد

كوفين، إلى مولاي علي/ الشمالي المخبر الدولي/الحارس الشخصي، إلى ليلى من وكالة

خاصة بكراء السيارات/ بديعة السرغيني، ضابطة تابعة لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية.

وكذا عناصر الجريمة من مجرمين و محققين و مشتبه فيهم، وما يلازمها من تصفيات في

ظروف غامضة. فرائحة القتل تفوح في أكثر من باب؛ موت أم جانيت، وكذا جدتها،

وبعدها أبوها في ظروف ملتبسة، وفي الأخير هي نفسها بين الانتحار والقتل العمد وقتل

صديقته الفرنسية كانت رفقته بحانة بمسدس أحمد/عبد الله، ودخول المافيات على الخط بما

تشتغل به من اتجار في البشر وسرقات خمس نجوم وتجارة الجنس والسلاح  وتفكيك شيفرة

عناصرها الملغزة. والتقارير التي واجه المحقق بها أحمد، والصراع على أشده على أعلى

مستوى، والتمويهات والتحقيقات والإثباتات. فكل هذا وغيره من أسس هذا الجنس الأدبي

الناذر في وطننا العربي، يظل كالمعلقة إذا افتقد إلى ماء الفن البديع. إنه مربط الفرس، حيث

تظهر مهارة الكاتب وبراعته الأدبية. الكاتبة علاوة على باعها الطويل الذي أظهرته في

بناء دراما روايتها هاته من حيث تشابك أحداثها داخل الوطن وخارجه، فإنها باقتدار

ضمنت لها تميزها عن كل ما يتعلق بالتقارير الأمنية الجافة و الوكالات الاستخبارية ، أو

القصاصات الصحفية. فالرواية مفعمة بالجمال التعبيري، من لغة انسيابية سلسة وتشبيهات

واستعارات وكنايات. فالكاتبة سعدية قبل أن تكتب الرواية كتبت الشعر لها ديوان “حبات

مطر”، ولها عدد من المجموعات القصصية في القصة القصيرة جدا. جمال يصعب حصره

نعرج على بعضه على سبيل التمثيل. فقد وظفت المساء والشمس والليل والقمر والصبح

والغروب أجمل توظيف، أضفت عليها الكثير من لبوس الأنسنة. تقول مثلا في ص166

“المساء يشرف على الامتداد. الشمس تهيء طقوس الوداع، بدأت في التنحي ليصل الليل

بعد سويعات”، وتقول في ص83 “جميل.. فالشمس قد بدأت تلم متاعها للرحيل”. وفي

ص88 “والليل بدأ يشمر عن ساعديه للتقدم أكثر في حلكته”. وفي استهلال البوابة رقم

19 ص96، تقول “القمر هذه الليلة شامخ مثل ملك متوج، والنجوم حوله أميرات يحلين

من لؤلؤ براق. العالم الفسيح يبتسم سعيدا هذه الليلة. كل ما حولي مبهج”.

حتى إذا كان السياق رومانسيا، نسجت خيوطه الشفيفة قمة في الرقة، تقول في ص97

على لسان عبد الله/ أحمد “أسحبها برفق وأرشق جبينها بالقبل. لا أبرح حدود جبينها خوفا

من الغرق. تطوقني بذراعيها. حمى العشق الملتهبة لم تفقدني سيطرتي على الموقف” و

في سياق آخر نجد ما هو أجمل تقول في ص62-63 “حضنت القبلة بأصابعي، وطفقت

أمررها بحنو على خدي، حتى جزأتها فسيفساء دقيقة أعدت ترصيصها حبة حبة في

غرف جوفي وفوق كل وجهي”.

نماذج لا عد لها ولا حصر، لآلئ توشي بها أحداث روايتها المغرقة في حمأة الجريمة

ومستلزماتها، بجانب ما تحفل به من محسنات بديعية و بيانية، نقطف من بساتينها اليانعات

بعض الزهرات، تقول في ص97 “بزغت جانيت كزهرة برية، لبست وتزينت، على

طريقة الغجر” وفي ص65 نجد “تضطرب كعروس في حضن عريسها، تدغدغها أولى تلك

الوشوشات اللذيذة“، وفي ص66 “تعفرها حمرة تشبه قنو التفاح المصدر من بلدي إلى

الخارج“، بمنطق الخلف إشارة إلى ما يستهلكه المواطن المغلوب على أمره من تفاح ليس

له من التفاح غير الاسم. وقس على التفاح بقية الفواكه والخضراوات فليس للبسطاء إلا ما

عاف الضبع. هذا فضلا عن مسحة الجمال التي أضفتها تقنية الحوار في الرواية. فقد عمدت

الكاتبة بمهارة لتنطق كل شخصية بلغتها العاكسة لمستواها المعرفي وانتمائها الاجتماعي.

فنجد مثلا قول أحمد “شايلاه آمولاي علي بو قبة” 45 تعقيبا على قول الشمالي اسمي

مولاي علي، وقوله أيضا في ص91 إلى قرينة كحلة اللي تضربني. آش رجعني لهذ

البلاد؟ تابعني النحس فين ما مشيت”، و اللهجة المصرية على لسان د. رامي قوله مثلا

في ص117 اهدئي من فضلك وفهميني بالراحة. في إيه؟ …مش ممكن كده. مش

معقول. أنا حسيب ده كله و حرجع بلدي”، والأمازيغية أكثر من مرة فنجد مثلا  في

ص135تفولكي تافوكت غاصاد (جميلة الشمس هذا اليوم). يضحك موسى معقبا تايري

ليلان غولناك إيفولكين آ مدّاكلينو (الحب الذي في قلبك هو الأحلى يا صاحبي)“.  سؤال لا

بد من بسطه حول كتابتها بالحرف العربي وليس تيفيناغ. لربما اعتماد حرف تيفناغ لا يزال

في بداياته، أو تأكيدا منها أن الحرف العربي يُسَهل عملية قراءتها لدى القارئ العربي؟

لم تكن الرواية البوليسية بالنسبة للكاتبة سعدية محصورة في أقبية مكاتب التحقيقات المغلقة

والغرف المظلمة ذات المصابيح الباهتة تسلط على رؤوس المتهمين دون غيرهم، بقدر ما

كانت انفتاحا على عوالم مختلفة، باقتدار المتمكن من صرة صنعته السردية استطاعت أن

تجول بنا في سماوات حقول معرفية متعددة بأسلوب سلس وبلغة انسيابية شاعرية. تعرفنا

من خلال سياقات الرواية على عدد من المعطيات العلمية، بحكم وجود أحد شخصياتها د.

رامي مصري الجنسية، أخصائي الجراحة رئيس قسم كبير في كندا. فتعرفنا مثلا على

أنواع الحشرات ومنها هذا الذي علق بزجاج السيارة بسائله الأخضر بدل لون الدم الأحمر،

بسبب عدم توفر دم الحشرات على نسبة كافية من الأوكسجين لتوزيعها على بقية الجسم،

عكس الحيوانات التي تحمل الهيموغلوبين الأحمر وبه الأوكسجين. وفي ص157 نجد “خذ

طعامك كاملا. التفاح مفيد لامتصاص السكري في الدم” ، ومعارف اجتماعية، في ص175

تورد “كانت ثلاث زغرودات من أمي كافية لإشاعة خبر الخطوبة في الدوار”، وجغرافية،

في ص229 حديث عن مراكش، تعبير جميل عن قصر البديع و المنارة النائمة على خد

الماء كأميرة عاشقة للخلود و السبعة رجال وقبور السعديين والموحدين والمرابطين، وفي

ص41 عن مدينة شفشاون “جاءت تسمية المدينة بناء على الجبال التي تلفها من كل

حدب، بحنو كأم تحضن طفلها. كلمة شفشاون تعني انظر إلى قرني جبل أو مرتفع“،

وموسيقية كقولها عن الكناوية ص76 “تتغشانا، فنذوب ونتحلل. ندخل في دائرة كبيرة من

أجساد مترنحة. أخذنا نميد أيضا مع الإيقاع الرهيب.. هذا العزف الساحر يجعلنا

كالمجاذيب.. بدأت جانيت تغمغم كأنها تهذي ثم تهمس في أذني: مثل الريكي للبوب“. لم

يفتها في هذا السياق أن تعرج على مجموعة ناس الغيوان و الراحل محمد رويشة وأم كلثوم

والأهازيج الأمازيغية، و معارف قانونية كقولها في ص124”سياسة الفندق وقوانينه تمنع

اختلاء رجل بامرأة في غرفة واحدة، من غير ثبوت صلة أو أية قرابة أسرية“، مع

التفصيل في الشركات الوهمية وقانونيتها في الصفحات 158– 159.

رواية “رقصة الأنوكاندا” للكاتبة سعدية بلكارح، فريدة من نوعها في جنس أدب الجريمة،

تحتاج لأكثر من قراءة من زوايا مختلفة ومن خلفيات متنوعة وبرؤى مغايرة.

 

بوسلهام عميمر

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman