إلى رئيس حكومة إقليم كوردستان: من باب وذَكرّ….أعطوا للشعب حقه بعدما أعطاكم حقكم/ بقلم: جوتيار تمر/ كوردستان

إلى رئيس حكومة إقليم كوردستان: من باب وذَكرّ….أعطوا للشعب حقه بعدما أعطاكم حقكم/ بقلم: جوتيار تمر/ كوردستان
بقلم: جوتيار تمر/ كوردستان
19/5/2018
إلى رئيس حكومة إقليم كوردستان: من باب وذَكرّ….
بعد التحية:
تعيش كوردستان منذ ما يقارب الخمس سنوات وقع ظروف استثنائية، غير مسبوقة بعد التحولات السياسية على الساحتين الشرق اوسطية بصورة عامة، وعلى الساحة العراقية بصورة خاصة، فمن خضم الأحداث التي لا يمكن فصلها بشكلها الإجمالي ولدت حالة يمكن القول بأنها وليدة لحالة استثنائية كما سبق وأن نوهنا إلى ذلك، هذه الحالة التي أعطت لكل شيء بُعد آخر غير مرئي، على الرغم من تشابه الحدث الوضعي العياني، سواء بإثارة الفتن في المنطقة أو القتل المجاني الذي أصبح ماركة مسجلة باسم ساكني الشرق الاوسط ( سوريا- لبنان – العراق – كوردستان – اليمن – مصر – تونس – إيران – تركيا – ليبيا – فلسطين – إسرائيل….) والمزيد من الدول في هذه البؤرة الموبوءة، أو التدخلات الخارجية ضمن تحالفات لا تجر على أهالي المنطقة إلا المزيد من الويلات التي نكاد نؤمن تماماً بأنها لانهاية لها.
دخل إقليم كوردستان الشبه المستقل في دائرة هذه الأحداث بعدما توجهت أحقاد أبناء الخليفة الاسلامي المُدعي ” ابوبكر البغدادي” صوبها ضمن جغرافية أراد أبناء التنظيم الإسلامي “داعش” السيطرة عليها لإقامة دولة الخلافة الإسلامية بحيث تجاور تركيا الحليفة الخفية وإيران الداعمة للارهاب، وسوريا المتخامة لإسرائيل العدوة في النصوص فقط، والصديقة في الواقع، وبعدما استطاع قوات التنظيم من السيطرة على مناطق واسعة في سوريا وهدد لبنان، وسيطر على الدائرة السنية في العراق توجهت أحقادهم نحو كوردستان التي في البداية لم تستطع أن تستوعب حجم القوة التي تمتلكها داعش فتراجعت للوراء ولكن سرعان ما استعادت قوتها وبدعم دولي استعادت جميع أراضيها من تحت سيطرتهم، وكي لا أخوض في تفاصيل تلك المرحلة لاسيما فيما يتعلق بالأعمال البطولية للبيشمركة الكوردستانية، أريد أن أتوقف عند المتغيرات الداخلية للسياسة التي اتبعتها الحكومة الكوردية لمعالجة قضاياها في تلك المرحلة.
فمع برزو سطوة داعش كانت كوردستان تعيش وقع صدمة سابقة لعمل لا يقل عن أعمال داعش الإرهابية، حيث كانت الحكومة العراقية التي كان المالكي يقودها قد فرضت واقعاً سياسياً اقتصادياً صعباً على العراقيين بصورة عامة وعلى كوردستان بصورة خاصة، فيما يتعلق بكوردستان فقد كان قطع الميزانية بحجة عدم إيفاء الحكومة الكوردية باستحقاقاتها من ارسال النفط المطلوب منهم إلى بغداد، هذا المبرر كان دافعاً قوياً للمالكي ليجد الدعم من الموالين لسياسته تلك لا سيما الحاقدين على كوردستان بعدما وجدوا فيها التطور المذهل على جميع الأصعدة والرخاء الذي يعيشه الشعب الكوردي بعكس المناطق التي تحت سيطرتهم، فحولوا أحقادهم إلى صك سياسي في برلمان طائفبي بامتياز وقطعوا الميزانية عن كوردستان، فتحولت الظروف فيها بشكل سريع نحو متاهة يصعب على أية جهة التعامل معها لا سيما وأن داعش كانت تنتهك كل ما يقع تحت يدها.
وضعت قطع الميزانية كوردستان في حالة استنفار واضحة، وبدأت الحكومة باتباع سياسة التقشف الذاتي، وبدأت بالموظفين الذين عانوا ومازالوا يعانون من تبعيات تلك السياسة التي يمكن أن توصف بشبه قمعية اضطرارية، ومع توالي الأشهر و زيادة حدة الحرب مع داعش، كانت الأوضاع الداخلية تسير نحو هاوية لا عمق لها، فاتباع الحكومة سياسة الاستقطاع والنسبة في دفع رواتب الموظفين وجهت صفعة موجعة للجانبين، حيث اهتزت ثقة الشعب بالحكومة، وعانى الشعب الأمرين من فقر وحاجة، وجعلت الحكومة تعيش حالة غير طبيعية ولربما لم تحسب لها أي حساب ضمن منظومتها وسياستها لا سيما الداخلية، وهذا بالطبع ما كان ولم يزل موضوع نقاش الطبقة المثقفة التي تتهم الحكومة الكوردية بعدم اتخاذ أية إجراءات احترازية وعدم وجود أية خطط لها يمكنها أن تواجه بها الأزمة الاقتصادية التي مرت بها، ومع هذا الاهتزاز الحاصل داخلياً كان لابد من اتخاذ موقف حازم داخلياً في كوردستان وذلك عبر التعامل مع المعارضة بشكل حازم لا سيما بعدما حولت كل اهتمامها على الاتهامات بسرقة قوت الشعب وبدأت تثير القلاقل في بعض المناطق التي تحولت إلى فوضى راح ضحيتها العديد من الارواح، وخارجياً مع العراق المتزمت والذي لم يعطي أي انطباع لإمكانية حل المشاكل العالقة بين بغداد واربيل، حتى بعدما أوصل الكورد العبادي إلى السلطة كما كانوا قد فعلوا مع سابقه المالكي، هذه الظروف خلقت حالة استثنائية في كوردستان، وأصبحت الحكومة تعيش واقعاً مأساوياً، فالرواتب على الرغم من كونها استطقعت بشكل مبالغ جداً، فأنها لا توزع إلا كل شهرين مرة، وبالتالي حالة الاستنفار الداخلية لم تعد تجدي نفعاً، وكان لابد من اتخاذ موقف مع بغداد يكون باباً لحراك أوسع، ويضع حداً لانتهاكاتهم بحق الشعب الكوردي، فكان الاستفتاء، الذي صوت فيه الكورد بحرية تامة وقالوا كلمتهم التي سجلها التاريخ في 25-9-2017، حيث المطالبة بصوت واضح بالاستقلال، هذا الصوت أوجع الكثيرين في العراق وأيضاً دول الجوار لاسيما تركيا التي تنازلت عن أحقادها تجاه ايران لما يقارب الست قرون ومدت يدها لايران لضرب الكورد وتقويص أصداء الاستفتاء، وكانت بغداد تبحث عن منفذ لها لديهم فوجدته وبدأوا بالتلاعب بمشاعر الكورد، حيث هددوا مع قطع الميزانية بإعلان الحرب على كوردستان، وضمن صفقة ستبقى وصمة عار على جبين بعض الخونة دخلت القوات العراقية من الجيش والحشد الشيعي الشعبي كركوك بعدها دخلوا أغلب المناطق المتنازع عليها وفق مادة 140 في الدستور، ولولا بعض المعارك الحاسمة التي استطاع البيشمركة من وضع حد للحشد الشيعي لكانوا هددوا كل من دهوك واربيل، ومن ثم قاموا بقطع الطرق الخارجية ومنع دخول البضائع إلى كوردستان وبالفعل استجابة ايران لهم وقطعت منافذ الحدود، ومنعت بغداد الطيران من وإلى كوردستان، كما قامت باجراءات تعسفية أخرى، كلها لطمس معالم الصوت الكوردي المنادي بالاستقلال في الاستفتاء، ولكن الشعب الكوردي معلوم تاريخياً بتحمله للظروف الصعبة بحيث لم يهتز منذ قرن أمام أحقاد ايران وتركيا والعرب في سوريا والعراق، بالعكس تماماً ظل يناضل رغم الكوراث التي فرضت عليه من حرق وإبادة جماعية سواء في عامودا أو قصف بالأسلحة الكيماوية في حلبجة ومن العمليات العسكرية المعروفة بالأنفال في 1988 ومن العمليات العسكرية التركية الدائمة في المناطق الحدودية فضلاً عن الإعدامات والتهجير والقتل الجماعي في مناطق شرق كوردستان، كل هذا لم يثني الكورد عن المطالبة بحقوقهم القومية، لذلك لم تؤثر في الكورد كل هذه الممارسات وبقي صوت الاستفتاء فعالاً لوقتنا هذا وسيبقى للأبد طالما هناك كوردي يؤمن بالحرية.
لقد القى الاستفتاء بظلاله على الأوضاع العامة في كوردستان وفي العراق وفي دول الجوار، بحيث أصبح المعنين بالاستفتاء هم أشخاص فقط وتكالب الاعلام المعارض بتوجيه التهم إليهم وكما عمدت الاوساط الخارجية على إظهارهم بأنهم انفصاليين، ولكن هذا لم يمنعهم من الثبات بوجه تلك التحديات، والغريب جداً أن بعض التحالفات الكوردية داخل كوردستان استغنت عن مواقفها ماعدا بعض الوطنيين منهم، فجلب موقفهم التخاذلي العار لهم، وهذا ما أثبتته الانتخابات العراقية في 2018 حيث أن أغلب الأحزاب والتيارات التي عادت الاستفتاء لم تنجح، كما دفعت الأطراف التي ساهمت في تسليم كوكوك ضريبة خيانتها، وحتى الأصوات المتجددة لم تستتطع أن تقنع الشارع الكوردي بأن الاستفتاء كان عملاً خاطئاً، مع إنهم وجهوا كل قوتهم الاعلامية نحو ذلك، فالنتيجة التي حصل عليها حزب الاستفتاء والاستفتائيون كانت صدمة لهم ولأمثالهم سواء في داخل كوردستان أو خارجها، وهذه كانت أكبر رسالة توجه بالتصويت مرة أخرى إلى القائمين في الحكم في بغداد وحتى إلى الاحزاب الكوردية التي تعادي الاستقلال بأن صوت الحرية لا يمكن شرائه ببعض وعود عانى الكورد منها منذ القدم.
سيادة الرئيس: عذراً لهذه المقدمة الطويلة التي تعرف تفاصيلها جيداً، ولكن من باب “ذَكِرّ…” ولعل هذه التذكرة تنفع في القادم، لأننا كشعب سواء من خرج وصوت في الانتخابات العراقية أو من امتنع وأصر بأن صوته لن يكون إلا للاستفتاء وللحرية والاستقلال، فأننا جميعاً ننتظر منكم أن تُقدموا على ما يعيد إليكم الثقة كحكومة، وهذا لن يتم إلا اذا بدأت الإصلاحات دون الإعلانات، والشعارات، أنما إذا بدت للعيان بشكل فعلي وواقعي، لاسيما فيما يتعلق بالرواتب ” لاتؤخروها” ، فالشعب مع كل ما مر به صوت للاستفتاء ولكم في حربكم مع بغداد، لذا لا تخذلوا الشعب مرة أخرى، وأبدأوا العمل على وضع خطط مناسبة لاتخدم السلطوية فقط، أنما تكون في صالح الشعب الذي عانى ولم يزل يعاني الكثير من الويلات، انهضوا بقوة وأعطوا للشعب حقه بعدما أعطاكم الشعب حقكم بالوقوف معكم في كل محنكم.. أنها رسالة من مواطن يؤمن بأنه لا شيء أقدس من الوطن ” كوردستان ” ولا أحد أقدس من البيشمركة، لذا لا تخونوا كوردستان والبيشمركة وكونوا أهلاً لحكم هذين المقدسين، كي لا يتجرأ حاقد ذليل على دنس علمنا الشامخ شموخ جبالنا.