الرئيسية / حوارات / الفنان جان حبش : حينما يصبح الفن الملتزم رسولا للسلام

الفنان جان حبش : حينما يصبح الفن الملتزم رسولا للسلام

 

الفنان جان حبش : حينما يصبح الفن الملتزم رسولا للسلام

على هامش تأسيس اتحاد نساء آرارات بزيوريخ بسويسرا كان لي لقاء مع الفنان السوري الكُردي جان حبش الذي حضر ليدعم هذا الاتحاد، إيمانا منه بدور المرأة المهم والحاسم في رقي المجتمع. وبعد أن تجاذبنا أطراف الحديث عن وضعية المرأة الكردية، خاصة في دول المهجر. وبما أننا في حضرة فنان مرموق، كان من الضروري أن يتحول الحديث إلى الفن ودوره البارز في الدفاع عن قضايا الأكراد والمرأة والحرية . فاغتنمت الفرصة وكان لي معه الحوار   الآتي:

د كريمة نور عيساوي:  سأكون ممتنة لو أتحفتنا وأتحفت القراء بالحديث قليلا عن نفسك، ولاسيما بداياتك الفنية؟

 الفنان جان حبش: أنا جان حبش من كردستان سورية ( روج أفاي كردستان) من قرية بهدينان التابعة لمنطقة عفرين من مواليد 1968، درست الابتدائية في القرية، و أتممت المرحلة الإعدادية في مدينة حلب. كنت مولعاً بالفن والموسيقى والغناء منذ أن كنت صغيرا، كنت أرافق أخي الأكبر، ورفاقه إلى الحفلات والأمسيات الفنية، ثم بدأت بتعلم العزف على آلة البزق وأنا في سن التاسعة عشرة، وأصبح لدي حضور مقبول على المسارح كمغني وعازف، وأنا لم أتجاوز  بعدُ العشرين سنة من عمري.

د كريمة نور عيساوي: كمتابعة لأعمالك الفنية أن الخاصية التي تتسم بها هي الالتزام  بقضايا الأكراد. هل يمكن إدراج هذه الأعمال الفنية ضمن الفن الملتزم؟

الفنان جان حبش:  إن الفن الذي قدمته منذ بداية مشواري الفني وحتى الآن هو الفن الملتزم بقضية وآلام أمتي الكردية.  والهدف مما أقدمه من ألحان وكلمات وأشعار التي أقوم بكتابتها بنفسي هو بعث الروح القومية، والوفاء بقضايا شعبنا الكردي، والتخفيف من همومه، ومساعدته وإرشاده للتمسك بحقوقه، والتحدي لمواجهة الضغوطات السياسية والاجتماعية، ومقارعة الدكتاتورية والظلم الذي وقع عليه، والذي نال شعبنا الكثير منه منذ عقود عديدة.  وهذه الوضعية كانت من الأسباب التي دفعت الكثير من أبناء شعبنا لهجرة وطنهم ومدنهم وأنا واحد منهم. وعند وصولي إلى بلاد الاغتراب تمكنا من ممارسة نشاطاتنا وفنونا بكامل الحرية ولكن أضيف إلى مأساتنا مأساة أخرى وهي الغربة ونارها وحسرة الوطن والفراق.

د كريمة نور عيساوي: ولماذا هذا التوجه بالذات نحو الفن الملتزم؟

الفنان جان حبش: الفن أيضاً سلاح لا يقل أهميةً عن أية أسلحة أخرى للتحرر والتطور ولكنه سلاح لا يجرح، سلاح مسالم جميل يدعو إلى بناء عالم جميل مليء بالمحبة والأمان.

د كريمة نور عيساوي:  هل وجدت الطريق مُعبدا نحو  ولوج عالم الفن في بلدك سورية أم واجهت الكثير من العراقيل مثلما هو الحال في الكثير من المجتمعات المحافظة التي لا تنظر بعين الرضا إلى الفن والممارسين له؟

الفنان جان حبش: نعم واجهت صعوبات في بداية مشواري الفني. وهذه الصعوبات تكمن في عدة نقاط.  لم أكن أملك آله موسيقيه خاصة بي، بل كانت ملكا لكل أفراد العائلة. كانت هناك معارضة قوية من قبل الأهل والمحيط القريب مني لممارسه مهنة الموسيقى بسبب العادات والتقاليد الباليه التي كنا نعاني منها ( وكانت المعارضة الأكبر من قبل والدتي رحمها الله)، وأيضا عدم توفر الدعم المادي لكي أتمكن من تطوير مهنتي الفنية بأسلوب علمي ومنهجي. فكل ما كنت أزاوله كان بشكل سماعي وحسي. وأيضا تعرضت لعدد من الاعتقالات والإهانات  بسبب عدم السماح لنا بإحياء الحفلات الفنية بلغتنا الأم اللغة الكردية حيث كانت ممنوعة في بلدي سورية، ومصادرة كافة الآلات والأجهزة الفنية وملاحقة الفنانين .

د كريمة نور عيساوي:  بعد اضطرارك للهجرة من سورية، والاستقرار  في سويسرا  هل صدرت لك بعض الأعمال الفنية؟

الفنان جان حبش: صدر لي في الغربة ألبومي الأول تحت عنوان” القرن الواحد والعشرين” سدسالا بيستيه”  والذي يضم أربعة عشرة أغنية تتناول تحديات مجتمعنا في مخيمات اللجوء وعن المرأة وحريتها وعن الاهتمام بالدراسة واللغة الكردية وعن بطولات البشمركة والكريلا  من أجل توحيد الصفوف.

د كريمة نور عيساوي:  هل حققت بعض أحلامك في مجال الفن خاصة بعد هجرتك لدولة غربية مثل سويسرا لها تقاليد عريقة في دعم الفن والفنانين؟

الفنان جان حبش: بالنسبة لحلمي  وللأسف لم أتمكن إلى حد  الآن من تحقيقه ، ولكن تمكنت من قطع  أول خطوة في  مسيرتي الفنية والمتمثلة في صدور ألبومي الأول، وأطمح لتحقيق المزيد، وإثراء المكتبة الفنية بمساهمتي الشخصية، وترك بصمة فنية للأجيال القادمة.

د كريمة نور عيساوي: بما أنك تحدثت عن الأجيال القادمة هل أبناؤك حفظهم الله سيسلكون مثلك طريق الفن أم  أن لديهم توجهات أخرى؟

الفنان جان حبش: بالنسبة لأولادي، وهم صبيان، اثنان بعمر الثالثة عشر أستطيع أن أقول عنهم بأن لديهم حسا موسيقيا ولكن إلى الآن لم يتبلور هذا الإحساس بشكل واضح. بالنسبة إلي أتمنى أن يلتحقوا بالحقل الفني لأنني أرى في الموسيقى لغة العالم، وأتمنى أن يتمتع بها الجميع.

د كريمة نور عيساوي:  أنت حاضر معنا في حفل تأسيس اتحاد نساء آرارات. ما هو دور المرأة في حياتك؟

الفنان جان حبش: بالنسبة للمرأة فإنني أرى فيها نبع الحياة، ومدرسة لإعداد الأجيال، وأراها آلهة كما كانت لدى أجدادي سابقا، وللمرأة حضور قوي في الأغاني التي أقدمها، وهي مصدر إلهام لمعظم ما قدمته من أعمال فنية.  والمرأة الكردية لها حضور فعال وقوي على الساحة الفنية كما هو دأبها منذ الأزل.  فلا وجود لطفل لم يغذ  إحساسه وروحه في المهد بصوت أمه.

د كريمة نور عيساوي: هل كل أغانيك باللغة الكردية؟ ولماذا هذا الاختيار؟

الفنان جان حبش: إنني أغني باللغة الكردية لأنها لغتي الأم، ولأنها لغة عير معترف بها في وطني سوريهة وهي الطريقة الوحيدة للحفاظ على هذه اللغة من الضياع. وأنني أستطيع بلغتي الأم التعبير بشكل أفضل عن أحاسيسي ومشاعري ووصف الأشياء بدقة. وعندي بعض المحاولات باللغة العربية والألمانية واليونانية.

د كريمة نور عيساوي:  هل غنيت لشعراء آخرين؟

الفنان جان حبش: إلى  الآن لم أغن لأحد من الشعراء الآخرين بل جميع ما أغنيه من كلماتي وألحاني لأنني أجيد كتابه الشعر الغنائي بشكل جيد، لكنني أتلقى المساعدة من بعض الأصدقاء والكتاب في مجال التنقيح والمراجعة وتساندني دائما وباستمرار زوجتي ورفيقه دربي روشان.

د كريمة نور عيساوي:  كلمة أخيرة لجمهورك .

الفنان جان حبش: في الختام أشكرك سيدتي على هذا اللقاء الممتع والجميل، أقول لجمهوري أنكم في القلب، وأنني سأعمل جاهدا على السير قدما من أجل تحقيق الأمل المنشود ، وإشاعة ثقافة الحوار والسلم ومقاومة كل أشكال الكراهية والإقصاء.

د كريمة نور عيساوي:  شكرا لكم الفنان المقتدر جان حبش على هذا  الحيز من الزمن الذي استطعنا من خلاله أن نلج لعاملك الداخلي ونسافر معك عبر رحلتك الفنية ، تحياتي لذوقكم الراقي.

حاورته د كريمة نور عيساوي

عن wahaalfikir

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

كتاب جديد التشكيل الاستعاري في شعر أديب كمال الدين  

  كتاب جديد التشكيل الاستعاري في شعر أديب كمال الدين   عن منشورات ...

لقاء مع الشاعر الحروفي أديب كمال الدين حاوره علي جبار عطية

    الشاعر الحروفي أديب كمال الدين في حوار خاص : * ...

تهديم التابوات قراءة في رواية ( تحت التنقيح ) أحمد طه حاجو

التنقيح هو تشذيب وتعديل ومراجعة للنص الأدبي كي يخرج بصورته النهائية والتي ...

جِلْنَارُ الموَاسِمِ/ كريمة نور عيساوي

  جِلْنَارُ الموَاسِمِ فيِ هَذا المسَاءِ اللاَّزُورْدِيِّ… وَأَمامَ الشَّارعِ، المُقابِلِ لِناصِيَةِ الحُلْمِ… ...

من وصايا العاشق / نمر سعدي

  من وصايا العاشق موسيقا تقطِّرُ لي هواءً عمرُهُ عمرُ النجومِ تنفَّستهُ ...

انتخاب الصورة الواقعية وقصدية الاشتغال على منطقة التحريض في قصيدة * السماءُ لمْ تَزل زرقاء * للشاعر العراقي شلال عنوز   سعدي عبد الكريم / ناقد وسينارست   *دراسة نقدية*  

  انتخاب الصورة الواقعية وقصدية الاشتغال على منطقة التحريض في قصيدة * ...

صهيل من فلوات الأرواح: عندما يصبح الشعر رسولا للإنسانية

  صهيل من فلوات الأرواح: عندما يصبح الشعر  رسولا للإنسانية   إن ...

تشمر عن ذراعيها لزرع شتول الرحمة وعلم الجمال/ فوزي محيدلي

    *تشمر عن ذراعيها لزرع شتول الرحمة وعلم الجمال* هي بطيبة ...

واحة الفكر Mêrga raman