الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / رجل في قاع الليل / بقلم: فراس سليمان

رجل في قاع الليل / بقلم: فراس سليمان

رجل في قاع الليل / بقلم: فراس سليمان

ـــــــــــــــــــــــــ

ليس من أحد أكثر حظّاً مني، أكثر فرحاً مني

أنا الرجل الذي في قاع الليل

أقشّر تفّاحة

وأفكّر بالله

كما لو أني أفكّر بإزاحة الستارة

هل ثمّة روعة أكثر من هذه

دائماً رهيفٌ وثقيل عندما أشاء

مستعدّ لأيّ شيء غير راغب بشيء

أرمي عينيّ جمرتين في نار الموت

وقلبي جورباً ممزقاً بين يديّ الموسيقى

وأفهم الحياة لأنّي لا أكترث لها

كطفل.. كعجوز.. كلا أحد

كفيلسوف حقيقي

فقط لأنّي لا أعيشها

لا يهمّني أنّهم لا ينتبهون إليّ

ها هم يساعدونني على تحقيق رغبتي

أنّه ما كان يجب أن أكون.

قليل من الخبز والخمر

مطرح رطب

ليطلع ضرس العقل

لتقليد قوّة العدم.

رجل في قاع الليل

على مهله وكميكانيكي كسول

يتسلّى في فكّ عجلات القوانين

من دون أن يخطر له أبداً أن ينهضَ

ويلقي نظرةً على ثلاثين سنة للتوّ مرّت

ثلاثون سنة… حدثٌ طارئ

بصقةٌ سقطت من فم رجل مصدور

قبعة مقلوبة

حفرة مقلوبة قرب جثّة لا ملامح لها

رغبة زرقاء على هيئة عربة من القرون الوسطى

برهة نظرها حادّ لأنّها دائماً على حافّة الزوال

رجل ربّما كائن ما يقشّر تفّاحة في قاع الليل

ويفكّر كم لذيذ أن يكون الواحد وحيداً

يبكي إذا ما استطاع ليس لسبب

ويخترع نفسه آلاف المرات

وينهي كلّ ذلك بضرب رأسه بالحائط كممثل جيّد

كم لذيذ أن يكتشف أنّه بحاجة إلى شراشف نظيفة

أكثر من حاجته إلى أصدقاء

أنّه يحتاج إلى عينين إضافيتين ليقلعهما

كي لا يرى هؤلاء الذين يمسكون بحماسةٍ مضحكةٍ

ذيلَ بقرةِ السجالاتِ الحرونِ الميتة

كم لذيذ أن يدحرج تفّاحة على الطاولة

ويرقب الإيقاع الرخو لسيرة النسيان العارمة

يرقب كيف الملائكة نهاراً

يفرّغون الكون من رأس الله

وفي الليل ينشّفون عرقهم بملاءات أسرّتهم

في مهاجع من ضباب

ومن شدّة تعبهم لا يقوون على المشاجرات

ولا على الأحلام.

إنّ جسداً بلا رغبات

إنّ رجلاً له كتف من بخار

وكتف ممحوّة من شدّة ما نقرت عليها زوجتُه اللغةُ

بعد قليل سيذهب بكلّ خُسرانه طازجاً إلى نهايته.

ليس من أحد أكثر حيوية منّي

الذي لا أعرفه كثير

والذي أعرفه تماماً لا أحتاج إليه ولا يحصّنني

أجلس في ظلّي

وإذا ما مشيت

فالطريق من الغرفة إلى المطبخ ملأى بالكون

لا أستعير الخارج إلاّ لأنه من اختراعي

ولا أرغب في اكتشاف الداخل

لأنّي طفله المدلل اليتيم.

رجل في قاع الليل يبتسم كإله

لأنّه لا يسمع ضجيج المركبات

وشتائمَ سائقي مَنَاحي الحياة

لأنّه منذ زمن بعيد لا يمشي على طريق

ولا يقلّ وسيلة نقل.

لأنّه يحسّ كلّ الرغوات

التي تفور من فوّهات العمل والكلام

لأنّه يلتذّ برؤية الرغوات وهي تنشف.

لا يهمّني أنهم لا ينتبهون إليّ

هاهم يساعدونني لأصنع جنّة سريعة

بقليل من الشرّ وبقفزة غياب واحدة

لا يهمّني أنا الرجل الذي في قاع الليل

أخترع نفسي آلاف المرات

وأُنهي كلّ ذلك بضرب رأسي بالحائط كممثل رديء

وأصرخ بصوت بالكاد يُسمع

ليس من أحد أكثر منّي حظاً، أكثر منّي فرحاً.

فراس سليمان

عن Joody atasii

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(حينَ عشِقْتُ روحَكَ… / بقلم: سلوى الغانم

كان لي مع عينيك رحلةً طويلة حكاية خيال.. ومُزُنِ حُبٍّ.. لا أرتوي ...

عاشقتي… /بقلم: سلمان إبراهيم الخليل

مدي ذراعيك وعانقي احلامي يشدني الحنين في غربتي يغوص في شغف أيامي ...

يثقلني الهدوء…/ بقلم: فوزية اوزدمير

تقتحمني حمى الليل برعونتها السردية غير المتأججة ، بعينين لامعتين حانقتين ، ...

عيناكَ… / بقلم: راميار سلمان

عَيْنَاكَ أمطار صَيْفِيَّة تراتيل عشق صوفية وَ دهشة قبلة هَارِبةٌ مِن لهفة ...

قبيل انسدال الستار/ بقلم: أنور يسر

لأحكي من السرد كل الرواية قبيل انسدال الستار ضعوا في جيوب (الأنا) ...

سأمقت كل اجزائي/ بقلم:سهام الباري

  سأمقتُ كلّ أجزائي وأدفنُ ذلك الجوهر وأنقشُ ريشتي السودا لتطمس عيده ...

يا حبيبتي../ بقلم : محمود صالح

أثِقُ بالقصيدةِ عندما تُلقي برأسِها المُجْهَدِ على صدرِك لدَيها من الوفاءِ .. ...

أجنحة اليقين / بقلم: رشا فاروق

على ثوب الليل حفرت آهتي كانت الريح تحمل وحدتي قصيدة تتلوها العواصف ...

واحة الفكر Mêrga raman