الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / قراءة في “صدى لقافية خرساء” للشاعرة ناهد بدران/بقلم: د .نبيل العريقي

قراءة في “صدى لقافية خرساء” للشاعرة ناهد بدران/بقلم: د .نبيل العريقي

قراءة في “صدى لقافية خرساء” للشاعرة ناهد بدران/بقلم: د .نبيل العريقي

ـــــــــــــــــــــــ

 

في اتحادا تسافر فيه العيون حتى تعانق النجوم وتمتد حتى تلامس شغف القلوب والعقول اطلق لكم العنان ولنفسي فرصة معانقة لغة النص الادبي التي تنير لنا فجوات بعض الأشعار، التي يكمن فيها اسرار الابداع الفني والادبي المقترن بنصوص حبلى ببديع الصور ورشيق الكلمات وجميل العبارات

 

يجد الناقد والقارئ المتذوق للفن نفسه مشدودة إلى محاورة تلك القطع الفنية من أجل الاستماع إلى الأصوات المنبعثة من قراراتها وارتشاف رحيق الجمال الكامن في أعماقها

 

ليجد نفسه مشدودة للتعرف على الأنامل المبدعة التي حركت النفس واستفزت الخيال وتفننت في الرسم بالكلمات والإشارات اجمل وارق نص شعري حر

 

وتاسيسا على ذلك اجد نفسي مجبولا ان ادعوكم لزيارة احدى الحدائق الابداعية للاتحاد الدولي للمثقفين العرب والتجوال في وجدان الأديبة والشاعرة المتالقة《 ناهد بدران 》

 

ونعيش حلاوة ومتعة قراءة قصيدتها 《 صدى لقافية خرساء 》

 

قصيدة ازدانت جنباتها بالجمال وسقتها شاعرية وشعورية تشهد آثارها على تألقها وموهبتها الشعرية قصيدة جديرة بالقراءة النقدية للكشف عن مكامن القوة والجمال فيها

 

وشاعرة تنتمي إلى النبض الجمالي الصادر عن رؤية مبدعة جمعت بين التراث والحداثة والتجارب الشعرية

 

إنها شاعرة مقتدرة منفتحة مكتملة الأدوات الفنية، تمتلك آليات النظم على النمط التقليدي كما تمتلك ميكانيزمات الحداثة الشعرية والمعاصرة شاعرة اجتمعت فيه الشاعرية والمعرفة والحكمة والدراية الواسعة بسراديب الحياة ومنعرجاتها ومعاناتها لينتج عن تفاعلها النص التالي :

 

صدى لقافية خرساء

 

يسألني النّبض المشلوح

في زوايا الصّمت

عن أبجديّةٍ كنقشِ نينوى في روحِ جدار

و كانسيابِ لحنها في آذانِ المدى

أين أنت ؟؟

ظلّيَ معلّقٌ بصوتك

كمعجزةٍ .. لم يذبلْ عطرها …

و صدى صوتي يشاكسُ الرّيح

مبللٌ منديلُ خواطري بوعدِ المزن

و أمنياتي مرصودةٌ في كهفٍ

على روابي المحال ..

شاهقٌ نبضُ دمي و مجراهُ العظيم

يحيطُ بمدينتي المحكومة

يردأ غضبَ الحنين

و على رائحةِ و صوت النّيل ..

أرهصُ من عطرِ الذّكرى هرماً

لألتقيَ الشّمسَ خفيةً

و أسرقَ من كفّها السّناء …

لأرصّعَ مياسمَ الزّهرِ حولَ دجلة

و أحفرَ بأصابعِ الحرفِ مجرى الفرات

ليسقي نبوءةَ الزّرقاءَ حتّى تنضجَ ..

.. تشتعلُ أحداقها و تضيئ بابل

و تسري قبلةً على وجنةِ البتراء ..

إذا ألهبَ الشّوقُ قلبَ تدمرَ لنسائمِ

البحرِ المسافرِ في غياهبِ الصّدى

يرسمُ ملوحةَ الوعد ..

حلمٌ خورنقي .. تعمّدَ بدمِ سنمار ..

و طافَ حرمة القبلتين .. يبحث توبة ..!

على مشكاةِ الفجرِ .. زفرةُ حبر

الكون ملّ من سمائهِ السّابعة

.. جدرانها الصّماء لا تسرّبُ الصّدى ..!

و تلكَ الأبراجُ الغافية

على متنِ السّحاب

لا تعلو على حلمي الصّغير

لتسلبَ منهُ جوازَ سفرهِ إلى

جنّة ثامنة

يستفيقُ فيها دموزي من سطوةِ إنانا

ليحضنَ شغفي المقدّس

و يعمّدَ قلبيَ المحترقَ بماءِ اللّجين

لينفخَ في صدريَ نايهُ المثقّبَ بمساميرِ النّأي ..!!

…. صخرتي في القمّة

و قلبكَ يتدحرجُ على نبضي

إلى أين …؟؟

يا ذكرَ الأصغرين ..

و فهرساً غدا بلا عناوين

 

ناهد بدران

 

وانا منهمك بقراءة النص وجدت نفسي محاصرا بسياج شعري حر يجذبني إليه جذبا ويدعوني إلى مغازلته والارتماء في أحضانه كي انال حظي من جماله وعذوبته التي تنساب بغزارة لتروي الجميع.وجدت نفسي بإزاء عالم شعري فسيح نابع من مبدعة ذي عمق معرفي وذي دراية واسعة بقواعد النظم وها انا أطرق هذا النص الشعري

 

بغيت الاقتراب من عالم هذه الشاعرة المقتدرة بغرض إدراك سياق تجربتها الشعري

 

ولعل الدخول إلى هذا النص الشعري المثير احتاج مني إلى شجاعة كبيرة وإلى جرأة قوية على فك شفرات النص الجمالية

 

وستيعاب السياق النفسي والفكري الذي ينتظم هذا الإبداع والذي يشكل الخلفية الذهنية التي أبدعتها انامل تترجم ملامح شخصية اديبة وشاعرة ملهمة تفصح عن مساهمة إبداعية ناضجة

 

سوف أبدأ عملية الاقتحام الفني لهذا النص الشعري من خلال معالم السياق النفسي والذهني الذي نظم عملية الإبداع عند هذا الشاعرة

 

التى ارتبطت تجربتها الشعرية بتجربتها الحياتية وكان الشعر بوصلتها التي ترشدها إلى جمال تهديه إلى عشق الإنسان والوطن

 

وعلى هذا الأساس ليس بغريب اذا قلت ان الشاعرة ناهد بدران

ارتبط قلبها وفكرها ببيئتها ومجتمعها كواحة هادئة تلجأ إليها للترويح عن النفس كلما اشتدت الأزمات

 

ولحظة تأمل عميق تيسر له التخلص من أعباء الحياة كلما تكاثرت المسؤوليات.فقد جعلت شعرها جزءا من حياتها تستقيم من خلال البوح نبضات قلبها بهمسات الشعر وإشاراته،ولا تستوي أنفاسها إلا إذا اختلطت بنسيم الشعر ونفحاته

 

لهذا اقول ان مثل هذا النص الشعري يشير بجلاء الى درجة وعي عند الشاعرة بقضايا ذاتها الفردية والجماعية، كما مثل مستوى استجابتها لنداءات الحاضر ومدى تفاعلها مع مستجدات الواقع

 

وعليه لن اختلف معاكم اذا ما قلت — حينما يبكي الحنين وتهيج الأشواق في الأعماق تتحول الذات إلى بركان هائج تضطرب فيه المشاعر والعواطف والانفعالات.وفي هذه الحالة ينبغي البحث عن منفذ أوقناة يتم من خلالها تصريف تلك الانفعالات العاصفة بالذات.

فعمدت شاعرتنا الى استجلاء معاناتها الموضوعاتية من خلال تبيين المضامين التي قاربها وجدانها وستوقفنا فيه ظاهرة التنوع الدلالي وتنوع اتجاهاتها النفسية والشعورية

عن Joody atasii

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(حينَ عشِقْتُ روحَكَ… / بقلم: سلوى الغانم

كان لي مع عينيك رحلةً طويلة حكاية خيال.. ومُزُنِ حُبٍّ.. لا أرتوي ...

عاشقتي… /بقلم: سلمان إبراهيم الخليل

مدي ذراعيك وعانقي احلامي يشدني الحنين في غربتي يغوص في شغف أيامي ...

يثقلني الهدوء…/ بقلم: فوزية اوزدمير

تقتحمني حمى الليل برعونتها السردية غير المتأججة ، بعينين لامعتين حانقتين ، ...

عيناكَ… / بقلم: راميار سلمان

عَيْنَاكَ أمطار صَيْفِيَّة تراتيل عشق صوفية وَ دهشة قبلة هَارِبةٌ مِن لهفة ...

قبيل انسدال الستار/ بقلم: أنور يسر

لأحكي من السرد كل الرواية قبيل انسدال الستار ضعوا في جيوب (الأنا) ...

سأمقت كل اجزائي/ بقلم:سهام الباري

  سأمقتُ كلّ أجزائي وأدفنُ ذلك الجوهر وأنقشُ ريشتي السودا لتطمس عيده ...

يا حبيبتي../ بقلم : محمود صالح

أثِقُ بالقصيدةِ عندما تُلقي برأسِها المُجْهَدِ على صدرِك لدَيها من الوفاءِ .. ...

أجنحة اليقين / بقلم: رشا فاروق

على ثوب الليل حفرت آهتي كانت الريح تحمل وحدتي قصيدة تتلوها العواصف ...

واحة الفكر Mêrga raman