الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / “نبيهة علاية والانفلات من عقال الحلم” قراء في نص سبع حواس وأكثر/ بقلم: محمد مطر

“نبيهة علاية والانفلات من عقال الحلم” قراء في نص سبع حواس وأكثر/ بقلم: محمد مطر

“نبيهة علاية والانفلات من عقال الحلم”

قراء في نص سبع حواس وأكثر

بقلم: محمد مطر

ـــــــــــــــــــــــــــــ

هي وحدها تحاول أن تغرد خارج السرب. …تحاول أن تصنع شدو ها الخاص  ..تجتاز الكثير من حواجز الطريق…. تسرق النار من أدونيس ومن لوركا ثورته. …

أعترف أن أعاني كثيرا في محاولاتي للاقتراب من عالمها الصادم والغاضب والعميق. ..هي تقدم الغضب الهامس ألذى يخترق جميع الحواس ليصنع الصدمة والثورة

في قصيدتها. (سبع حواس وأكثر) تمارس فعل التمرد الإيجابي الذي يجسد توتر علاقة الأنا/الآخر من خلال الرفض المتبادل بين الأنا المتمردة على سلطة الجماعة والجماعة المتشبثة بثقافتها

تمارس ذلك من خلال حوار داخلي بين المبدعة الباحثة عن حريتها والإنسانة التي تحاول التمرد على سلطة الجماعة …. البداية من العنوان سبع حواس وأكثر يرصد العلم المادي خمس حواس وأضاف علم النفس حاسة سادسه ونضيف شاعرتنا حاسة سابعه وتزيد مما يثير انتباه المتلقي منذ اللحظة الأولى لتلقى النص

أفردى جسدك للمطر

من المخاطب بفتح الطاء ومن المخاطب بكسر الطاء؟ …. الإنسانة المبدعة/ الجسد والروح    …

وإن كنت وحدك

هو إقرار بالشعور بالوحدة ليس عن عدم شعور بالآخر ولكن عن عدم شعور الآخر بعذاباتها المتصاعدة

كم أنت حره في هذا الازدحام

استدعاء لكينونتها الحرة في مجتمع غير حر ويشتبك هذا المقطع مع قول أحمد عبد المعطى حجازي (هذا الزحام لا أحد) وان كنت أدرك انه لم يكن في أعماقها لتستدعيه في حالتها. …. ويستمر الحوار بين الروح المشتعلة والجسد المثقل بعذاباته

دثرينى دثرينى

أنا الروح فيك اتقد

الجمع بين الشعور بالبرد في دثرينى وبين النار في اتقد يجعلنا أمام وحدة وصراع الأضداد بما يؤكد الصراع بين الروح والجسد. …. الروح مشتعلة بنار ونور الحرية والجسد يعاني من برد الوحدة وفقدان الهوية والحرية. …كيف لهذا الصراع أن يتيح الحياة لمن يحمله. …. استدعاء زملوني زملوني في دثرينى دثرينى. هو استدعاء للسيرة والحدث في منحى صوفي يصنع مقابله مع دلالة الموقف وهو نزول الوحي وأول كلمه (اقرأ) وهذا يوكد على أن صراع الروح المبدعة مع الجسد المكبل يحمل تأويلا آخر يصل بنا إلى صراع الشاعرة (الروح)/الوسط الثقافي(الجسد)

لك الفضاء كل الفضاء

لك الكرسي أن أردت

أريد مسرحا

خذ. خذ الكرسي أن أردت

قلت أريد مسرحا لا وقت للجدال

ينتقل الحوار إلى مرحلة المقايضة والاختيار بين الحرية والتحول إلى طائر طليق حر وبين الحرية المقيدة التي في مقابلها تحجز مكانا في جوقة الإبداع المسيطر عليه. ..هنا تريد الروح المبدعة مسرحا وهواءا طلق وجمهور هو الحكم والجسد المكبل يريد كرسيا دون اهتمام بتبعات ذلك…. لكن الروح ترفض المقايضة على حريتها (لا وقت للجدال)

لك الكرسي

جرده من مسمياته

محاوله للترغيب وآغراء الروح حريه في الشكل (جرده من مسمياته) خذ المحدد لك…. هل عادت نبيهة للمراوغة من جديد؟  …نعم

صب فيه …جنونك

وطبعه على محك الفضاء

اسكب له. . ما علق في كأسك الأخير

عاد الجسد المثقل بقيود سلطة الجماعة يصعد إلى سطح التأويل. . مارس نزقك وجنونك وحاول أن تتوهم انه حر طليق وتخيل انه على تماس مع الفضاء الرحب واسكب له بقايا الأنوثة المتبقية في أخر كأس لديك…. هنا نكتشف أننا أمام صوت ثالث يحاول أن يقنع الروح المشتعلة بالجسد المكبل ويصر على أن الوقت قد تأخر للوصول إلى الحرية المطلقة للكيان (الروح والجسد)

لن يعود. ولو غصنا أخضر

ترتجى فيه التأوهات

على الرغم من الإيحاء الشبقي في (التأوهات)إلا أن الدلالة هنا تشير إلى محاولة الاتجاه بالصراع إلى مرحلة قبول الكرسي (الجسد) المجرد مما تريده وتحتاجه الروح المشتعلة لكونه الخيار الوحيد المتاح. …ولأنها تحمل جينات الرفض للسائد تواصل استخدام المنحى الصوفي دليل أيمانها بما تسعى إليه

دثرينى دثرينى

أنا الروح فيك اتقد

وتنتقل بنا القصيدة من مرحلة التأويل المراوغ إلى مرحلة المكاشفة وكأنها تصعد من الحوار ليلهث أطراف الحوار والمتلقي

الصوت الثالث: شاعرة أنت إذا

وكأنه يكتشف ذلك

لكنه في الحقيقة هو يقر ويعترف بأنها مبدعه على الرغم من محاولاته لطمس هويتها

الروح المشتعلة: بل أنثى النار

وهنا ترفض أن تفصل المبدعة عن الإنسانة بل تؤكد أنها أنثى النار تستطيع أن تنير وان تحرق أيضا في دلاله على القدرة على الدفاع عن حريتها

الصوت الثالث: ولا يحركك كرسي

يقر هنا بفشل الإغراء المقدم. . حتى لو تعدد التأويل من معنى صاحب المقام في الوسط الثقافي أو تخصيص مقام خاص بها آو حتى الجسد المكبل

الجسد المكبل: الصمت كفيل بالعناق

همس. لمس…حس..ح…س

نفس…نفس

ن…ف…س

فصمت

صمت…فموت.

موت…فصمت

هنا يصل الحوار إلى ذروة جديده حيث محاولة الجسد التوحد مع الروح المشتعله البداية معنوي. (همس)وصولا إلى حسي (لمس) ثم التغلغل إلى المشاعر(حس) ولتعميق الإحساس (ح..س) ثم (نفس. نفس) ثم التصعيد إلى (ن..ف..س) وهو دليل على معاناة الجسد من محاولة التوحد مع الروح وتصل المعاناه إلى قمتها(فصمت)ثم (صمت.فموت) ثم (موت.فصمت) وهو تأكيد على أن فقدان الحرية (الصمت)والموت وجهان لمعاناة محاولة التوحد لذلك تقدم مفتاحا آخر لهذا الصراع

كما ينهك الموج بعضه البعض

ويستكين في تعرقه الصدى

هو تصوير بالغ الدلالة الموج متحرك متتابع ولابد له من معاناة ومزاحمة وإجهاد حتى يواصل رحلته وفى المقابل يستكين صدى الصوت بعد أن نالت منه الأيام وامتدت أثاره إلى بعيد

وتعود الروح المشتعلة بجذوة الإبداع وحرية الجسد والروح معا الإمساك بناصية الحوار لتقدم الدليل على قدرتها على تحقيق التواصل مع رحلة الحرية البلورية

لديك ما يكفي من الثغرات

لتقرع الفضاء. وتصعد حبكة الكراسي

لدى ما يكفي من الخيال

لأربك الحبكة حتى تجثو أكواما أكواما

هنا تقرر المبدعة منفردة أن تصعد الصراع وتقدم دليلا على حتمية الصراع بين حرية الإبداع والسلطة الفاسدة المتصدرة للمشهد الثقافي فتخاطب النخبة المشهد به الكثير من الثغرات. . لتدق أبواب الفضاء وتحصن المقامات الوهمية نفسها لكنها تمتلك خصوبة القدرة على أحداث المغايرة للسائد والتحليق خارج السرب وإرباك وكشف الحبكة المزيفة للمشهد المصطنع لهذه المقامات الوهمية. …ثم تعاود من جديد استخدام المقطع الصوفي

دثرينى دثرينى

أنا الروح فيك اتقد

لتؤكد على محاولة الإنسانة إيجاد التوازن بين اشتعال الروح وإحساس الجسد بالعطش لهذه الروح وهنا تقرر التوحد الإنسانة والمبدعة وتصل إلى نقطة البداية الجديدة

استنزفت الليل. ..مستلقيه

اعبث بذاكرة اللحظه

آرتديت. ..ملابس شفافة لأصل حتى آخر نقطه

في كينونة الحبكة

عدت مثقلة بالبلل

لم ارتو

أيها المارد في دمى

لا تشتقني. . وأنا ألين الحبر

في جسدي

هنا يصل التوحد بين الروح والجسد /المبدعة والإنسانة إلى نهاية الحوار وتذوب الإنسانة في المبدعة والمبدعة في الإنسانة وتتماهى الفوارق وتسقط الحواجز (استنزفت الليل) (اعبث بذاكرة اللحظة) عن أي ليل واي لحظه تعنى؟  المزج بين الخاص والعام يؤكد على توحد قضيتها فهي تعنى ليلها الخاص بتكبيل جسدها واشتعال روحها وليلها العام تكبيل الإبداع والمبدع واللحظة هي لحظة الخروج والاشتباك بهذا العالم. …. لأنها تدين الخاص والعام قررت أن تكون ما تريد لا ما يريد الآخر لها …. حتى تتم عملية الكشف كامله استخدمت نبيهة مفردات المراوغة والصورة الخادعة (عدت مثقلة بالبلل) عن أي بلل تتحدث. . بلل المفتتح (المطر)أم تعنى عدم الوصول إلى النشوة التي تبغي من صراعها …ثم تقدم صرختها المدوية (أيها المارد في دمى) هنا تمتزج حرية الإبداع بحرية الجسد (لا تشتقني). ترفض أن يصدر الحكم قبل اكتمال الرحلة وتوحد الشكل والجوهر (وانا ألين الحبر) (في جسدي) استخدام الجسد وليس الروح دليل على ارتباط حرية الروح بحرية الجسد. حتى تتحقق وتكتمل حرية الإبداع واستخدام (الين الحبر) هو ربط بين أداة الفعل المادي للكتابة وبين حرية الروح في اختيار الجسد

هذا النص فيه سريالية ممتزجة بالصوفية تجعل منه أقرب إلى العرض المسرحي الذي يجرى بداخل مرسم فنان تشكيلي وتحاول من خلاله شاعرتنا التمرد على الشكل والمضمون وتطرح فلسفتها التي تنسق والشكل والمضمون

أستطيع أن أؤكد أن الرسم بالكلمات ومنحها ألق الصورة وإيقاع الحركة هو ما يجعل لشعر نبيهة علاية فتنته وسحره الخاص وترتفع قصيدتها إلى ذروة خاصة بما تحويه من استعارات وكتابات ورموز وأقنعة في نوع من الأرابيسك الشعرى الذي يستفز الروح والعقل معا.

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman