التكوين الأول/ بقلم: أشرف شبانه
ــــــــــــــــــ
وأتتبعني ،
والليلة تشرينية
صوت صرختي الأولى
بوجه الحياة الخريفية
من غرفةٍ تتوسط بيتنا الكبير
وسط قريتي الوادعة
القابعة على الضفة الشرقية
بأقصى شمال النهر
الذي انحنى ليحتضنها
آثار لقدمي الصغيرتين
بطريق المسجد
و صوب شجرة التوت الأبيض ؛
و تارة الأسود
ثم هاهما تركضان بين الحقول
تحت نظر النخيل
قلب أخضر ينبت
في الظل الظليل
يدندن بين أغصان السدر ،
و الجميز
حين يصيد من النيل
و حين يسبح به و يغوص
أو يمتطيه قارباً مع الأقران
في شم النسيم
ثم هاهو هناك يلعب الكرة ،
الاستغماية ، المُغراز
و الحروب المصطنعة
بقنابل ورقية
و كرابيچ من صفاف
ليعود في المساء ؛
يواري نظرات تلك الصبية ..
ذات العيون السود
و بالكاد يداري عبرات ..
على مشهد كلبه ” إندركس ”
الممدد على قارعة الطريق
إثر حادث أودى
بأوفى صديق
و أتتبعني ؛
صرخات مترادفة ؛
تقطع هدأة الليل
مد الظلام ذراعيه
ليخنق الفجر حال انبثاق
كابوسٌ صعق الحلم
أبي ؛ مات
كيف مات … لمَ مات ؟!!
ما معنى الموت ؟
تحت النعش أسير
يمنعني القوم
لم يستطع من قبل
أن يفصلنا أحد
ها هو الموت قد فعل
مازال بحلقي طعم الظلم
مراب يسلب أرضي
يهضم حقي و لا يبقي
حتى العظم
تهدهدني أمي ؛ “إبكِ يا ابني
فالدمع دواء”
ينصحني أخي الأكبر ؛
“الرجال يا أشرف لا يبكون”
ليتحجر الدمع بالحلقوم
حتى اليوم
مع الأيام ؛ هجرنا القرية
لم نحمل معنا
غير بقايا أحلام ،
و صورة أبي ،
يهمس أخي الأصغر
أن نحمل معنا الدار
نضحك بدموع ؛ نسخر
فالحزن بداخلنا أخضر
#Ashraf_Shabana
