الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / جثة تبحث عن وظيفة/ بقلم: زكريا شيخ أحمد

جثة تبحث عن وظيفة/ بقلم: زكريا شيخ أحمد

جثة تبحث عن وظيفة/ بقلم: زكريا شيخ أحمد

ـــــــــــــــــــــــ

كنْتُ عاجزاً عنِ الإلتفاتِ ،
كانوا يدوسونَ فوقي بأحذيتهم،
أحياناً كانوا يبصقونَ عليَّ و يتركونَ فوقي قذاراتِهم .
كانَ منَ المستحيلِ تحملُ ذلكَ التعبِ و الذلِ .
قررْتُ ذاتَ يومٍ مواجهتَم و نهضْتُ ،
إلا أني لم أستطعِ الإستمرارَ
فتركْتُ مكاني و خرجْتُ مجروحاً ، مكسوراً .

أُضطررْتُ للعيشِ في قبو معتمٍ .
في القبو المعتمِ بدأتُ الرسمَ
ريثما أعثرُ على وظيفةٍ ،
إلا أني أكتشفْتُ حينَ قالَ لي أحدُ الجيرانِ
أنَّ كلَّ لوحاتيَّ باللونِ الأحمرِ
بأني رسامٌ مصابٌ بعمى الألوانِ .
أساساً كنْتُ أحلمُ بالعملِ كناطحةِ سحابٍ
إلا أنَّ كومةً كبيرةً منَ الرمادِ
قالَتْ لي و هي تذرفُ دموعاً مؤلمةً
إياكَ أنْ تحاولَ ذلك أو تحاولَ حتى أن تكون بناءً أرضياً
كي لا تؤولَ بكَ الحالُ لرمادِ مثلي ،
أخرجْ منْ هنا ، إذهبْ إلى أيِّ مكانٍ و لا تعدْ أبداً .

في مرحلةِ المراهقةِ عملْتُ كمشروبٍ كحوليٍّ ،
اشتكى الزبائنُ منْ أنّي سرعانِ ما أعيدُ لهم وعيهم مضاعفاً ، بُعيدَ إستعارتِهِ منهم لعدةِ ثوانٍ
فتمَّ طردي .
قالَ لي أحدُهم أنَّ عليَّ أنْ أتوبَ و أُكَفِرَ عنْ ذنبي
فقدمْتُ كلَّ الأوراقِ المطلوبةِ ليتمَّ توظيفي كماءِ زمزمٍ .
بعدَ أنْ تمَّ قبولي بثوانٍ معدودةٍ
إشترى أحدُ رجالِ الدينِ كميةً مني و كسرني سراً بمشروبٍ كحوليٍّ .
لمْ أتحملْ سوءَ إستخدامي
فتركْتُ العملَ و إتجهْتُ بما تبقى مني نحو محطةِ المدينةِ ،
هناكَ تمَّ تعييني كجرسٍ
لكنَ الموظفَ المسؤولَ عنْ تعليقي
كانَ مهموماً فعلقَني بشكلٍّ سيءٍ في مكانٍ سيءٍ .
بعدَ منتصفِ الليلِ سقطْتُ على الرصيفِ
فإنزعجَ المشردونَ الذينَ كانوا في المحطةِ منْ رنينِ إرتطاميَّ بالرصيفِ و ظلوا يركلونَني حتى الصباحِ .
منذُ ذلكَ الوقتِ و أنا عبثاً أحاولُ إيجادَ وظيفةٍ .
أينما إتجهْتُ يقولونَ لي نحنُ لا نوظفُ جثثاً .
لا بأسَ أيها السادةُ
أنْ يكونَ المرءُ جثةً
أفصلُ بكثيرٍ منْ أنْ يكونَ رصيفاً .

عن Joody atasii

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

(حينَ عشِقْتُ روحَكَ… / بقلم: سلوى الغانم

كان لي مع عينيك رحلةً طويلة حكاية خيال.. ومُزُنِ حُبٍّ.. لا أرتوي ...

عاشقتي… /بقلم: سلمان إبراهيم الخليل

مدي ذراعيك وعانقي احلامي يشدني الحنين في غربتي يغوص في شغف أيامي ...

يثقلني الهدوء…/ بقلم: فوزية اوزدمير

تقتحمني حمى الليل برعونتها السردية غير المتأججة ، بعينين لامعتين حانقتين ، ...

عيناكَ… / بقلم: راميار سلمان

عَيْنَاكَ أمطار صَيْفِيَّة تراتيل عشق صوفية وَ دهشة قبلة هَارِبةٌ مِن لهفة ...

قبيل انسدال الستار/ بقلم: أنور يسر

لأحكي من السرد كل الرواية قبيل انسدال الستار ضعوا في جيوب (الأنا) ...

سأمقت كل اجزائي/ بقلم:سهام الباري

  سأمقتُ كلّ أجزائي وأدفنُ ذلك الجوهر وأنقشُ ريشتي السودا لتطمس عيده ...

يا حبيبتي../ بقلم : محمود صالح

أثِقُ بالقصيدةِ عندما تُلقي برأسِها المُجْهَدِ على صدرِك لدَيها من الوفاءِ .. ...

أجنحة اليقين / بقلم: رشا فاروق

على ثوب الليل حفرت آهتي كانت الريح تحمل وحدتي قصيدة تتلوها العواصف ...

واحة الفكر Mêrga raman