الرئيسية / إبداعات / أختي …. تدهشُ النجومَ دفئاً/ بقلم: مرام عطية

أختي …. تدهشُ النجومَ دفئاً/ بقلم: مرام عطية

 

 

 

 

 

أختي …. تدهشُ النجومَ دفئاً/ بقلم: مرام عطية

_________________________

أختي ساقيةٌ و أيُّ ساقيةٍ تنعشُ زروعي آخرَ الخريفِ ! شقيقةُ روحي كالشمسِ أنشودةُ نورٍ ؛ تبلسمُ جراحاتي كلَّ نزفٍ، ترتقُ ثقوبَ الأيامِ بخيوطِ رقتها الدافئةِ النسجِ ، و تخيطُ قميصَ الحبورِ للنفوسِ المتعبةِ في دروبِ السعي كما تخيطُ الشمسُ قميصَ الضياءِ للصباحِ . اليومَ روحي مترعةٌ بالحبقِ والبرتقالُ ، فاضَ الخزامى والنبيذُ من خوابيها مذ ضمِّتني الشمسُ إلى صدرِ أختي الطافحِ عذوبةً ، ومذ ملأتْ فؤادي بسكاكرِ الفرحِ و كؤوسي بعصائرِ الرضى ، أختي التي قصتْ غرَّةً لليلِ و زينتْ ضفائرهُ بنجومٍ ذهبيةٍ بعد رحلةِ الكدح اليوميةِ ، تتألقُ جبهةُ النهار بالغارِ بين يديها ، و يتأوجُ جيدُ المساءِ شالٌ من قصبِ الأمنياتِ العذبةِ

هبَّتْ ذاتَ فرحٍ تزخرفُ بقلمها القزحيِّ مشاريعنا الصغيرةَ بألوانٍ زاهيةٍ ، و راحت تهديني خرائطَ الأنسِ والتلاقي الفيروزيةِ بلون معطفها الشتويِّ الأبهى

بقضاءِ الله أطلَّتْ أمِّي من وراء الحجابِ الرماديِّ تنشدُ تراتيلَ الرضى والحبِّ بطيفها النوراني ، و تمدُّنا بزيتِ الأملِ والعزيمة ، أحسستها تمنحنا إشعاعَ الدفءِ كلَّما زادت برودةُ الشتاءِ ، و ثقلتْ أجفانُ الفجرِ علينا ، ثمَّ تلوِّحُ لأشقائي المسافرين لبلادِ الثلجِ القصيةِ بمنديلٍ أخضرَ من الذكرياتِ النديةِ .

نسيت أن أخبركم قصةً ؛ لقد رآهم الغيمُ على مسافةِ حبٍّ تبتسمُ لهم النجومُ فيقطفونَ الألقَ والكرزَ ، تتسابقُ الأحلامُ فيفرشون طاولةِ الغدِ باللوز والصنوبرِ ، ويعقدون شريطاً ورديَّا على بابِ منزلنا هكذا أخبرتني دموعُ أمِّي .

رمتني الكآبةُ في زاويةٍ موحشةٍ ذاتَ اشتياقٍ وأنا في حضن أبي ، ورأيتني ألملمُ صورَ الطفولةِ من نافذةٍ بيتنا المهجورةِ ، كان طعمُ السَّمرِ ليلةَ العيدِ حريفاً لاذعاً بطعمِ الغيابِ الباردِ برغم ترانيم أبي الشجيَّةِ ، لكنَّ أختي الرشيقةَ خففتهُ بشاي اللهفةِ وتفاحِ الأنوثةِ ، وزادت عليه نوافلَ الأناقةِ و مذاقَ الحنانِ

ماأجملكِ أختي !! تدهشينَ النجومَ دفئاً وسطوعاً وأنت تعزفينِ الأحزان سمفونيةً شجيةً على نايٍّ ضلوعك.

أمِّي ، حنانُ أختي الغامرُ أعادني طفلةً لاتشبعُ من حنانكِ ،و أوصاني ألاَّتنسي موعدنا الربيعي شرقي النهر ،فقد أقسمَ ألاَّ تضحكَ أزهارهُ إلاَّ حينَ تشرقينَ نجمةً في الميلادِ .

___________

مرام عطية

 

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman