الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / الشاعرة كريمة نور عيساوي تعزف على: وتر الشوق / علي سليمان الدبعي

الشاعرة كريمة نور عيساوي تعزف على: وتر الشوق / علي سليمان الدبعي

 

 

استوقفني نص الشاعرة كريمة نور عيساوي (وتر الشوق) لأمور منها:

انتماء النص إلى مدرسة الشعر الحر ولعلي وجدتُ روح النص لنازك الملائكة ينثر بعضاً من أريجه على نص (وتر الشوق).

التلاعب اللفظي في النص واستبدال الأدوار في ألفاظه واتجاهاته

الخط الثابت الذي تسلكه الشاعرة في نصوصها الشعرية.

إن طرحي للنص من قبيل الذائقة الشعرية والعرض النصي ولا أدعي تملكي لأدوات النقد أم ما يماثله بقدر ما أجد شرفة الشعر تستهويني للاطلاع عليه وعرضه مشاركاً القارئ الرؤية.

دعونا نلج عتبات النص من بابه (وتر الشوق)

هل للشوق وتر؟

الشوق كائن معنوي والوتر كائن حسي

استجلاب الحسي للمعنوي صورة مدهشة – صورة تقريبية الوضوح والملامح توحي لتمازج الروحي بالمادي ثم يأتي الاختيار (الوتر، الشوق) كلاهما إيضاح جمالي مقرون بالرغبة واللهفة – رغبة الإنصات لإيقاع الوتر ولهفة الحنين لكُنه الشوق.

برأي أن اختيار العنوان احترافي قائم على إيحاء صادق وبوح مملوء بتراكمات وهج اللحظة أو لنقول انجراف كان محبوساً فبدأ صارخاً.

كلما استعدتُ الليل من غفوته

هاجرت كلماتي

على صوت سارد الحكاية

فقد شختُ قبل البداية

الصوت ساعي طريق

شرفة صعود الحريق

كان يمكن للشاعرة أن تقول (كلما استعاد الليل غفوته). لكنها محوره الممنهج والمتمكنة من الإيقاع ….فمن يغفو؟!

اسقاط شعري نفسي بارع والمعاناة الداخلية تحتشد في سكون الليل فتهاجر الكلمات (هاجرت كلماتي).

الكلمات في سفر إما لصعوبة الاستقرار في نفس الشاعرة أو قد يكون تفلت زمام الكلمات عن عرض الحال. لهذا جاءت المشاركة بـ (صوت سارد الحكاية). ثم عرض الحال (فقد شخت قبل البداية)

استخدام قد مع الفعل الماضي يفيد التحقيق وهنا ينتقل العبء (الثقل النفسي) إلى واحة عن طريق الدليل (الصوت ساعي طريق) وقد أحسنت الشاعرة في اختيار الصوت دلالة على السرعة والتسارع إلى الراحة ولكن المعاناة تظل أسرع من الصوت لتأتي تأكيدها في شطر (شرفة صعود الحريق).

الروح الشعري لنازك الملائكة يتمحور في التنقل من قافية إلى أخرى في النص الواحد وهنا نجد الشاعرة كريمة مع احتفاظها بتماسك النص ورسالته

على سبيل المثال (على صوت سارد الحكاية / فقد شخت قبل البداية) تناسق في القافية ثم الانتقال إلى قافية أخرى (الصوت ساعي طريق / شرفة صعود الحريق).

حكايتنا رهينة بيد السماء

نسجت خيوطها

أقلام الأساطير … أوردة القلوب

ما الذي يشاركه سارد الحكاية؟ وما الحكاية؟

(حكايتنا رهينة بيد السماء) واضح حال الحكاية لكن الحكاية ذاتها مبهمة وإن جاء الإيضاح لها بوصف (نسجت خيوطها أقلام الأساطير ..أوردة القلوب).

أسطورة الحكاية إلى حد الخرافة

عاطفة الحكاية إلى أقاصي العمق (أوردة.)

إنها بلا شك أي الحكاية ما تمثله جانب الأسطورة والعاطفة لحريُ أن يكون لها مقام لا يضاهى وأي حكاية يمكن أن ينطبق عليها وصف ما سبق؟

إنها (رهينة) بيد قوية وواسعة (يد السماء) فلا يمكن لها الإيضاح أكثر حتى لا تخبو ولا يمكن التحرر لا نها قدر مكتوب بـ (رهينة).

أتوقف أمام مجرى العيون

لا لأرتوي

او لأشرب

ولكن لأتطهر في بحرك الشغوف بإغراقي

لرتق ما فتقته الآهات

لوحة تقف أمامها الشاعرة (أتوقف أمام مجرى العيون) غايتها ليست محددة أو محدودة ثم تتجدد وإنما أيضاً لحل ما هو مشكل لاستلهام الرغبة الجامحة (لأتطهر من ثقل القيود) – قيود الإرادة المعيقة للوصول – قيود خرافية مستحيلة (أساطير)

عاطفة جياشة (أوردة القلوب) لا تتحقق أو قد لا تتحقق لكنها ترضى أن يتخفف عنها ثقل القيود (لأسبح في بحرك الشغوف).

وصفت البحر بـ (الشغوف) لاجترار المحب وإغراقه ثم تأتي صورة أخرى حسية ومعنوية (فتقته) الفتق: ورم هوائي في الجسد والآهات معنوي أي اجتراح مادي حسي لمعنوي.

الشارع الوحيد المؤدي إليك لحن الشجن

الصوت العازف لغيمة الوجود وتر الشوق

أحمل عثراتي أمامك

اصيرها قنابل لكسر الطوق

كنتُ أودُّ لو استخدمت الشاعرة لفظة (الطريق) بدلاً عن الشارع

ولفظة أخرى (كالنغم) أو (اللحن) بدلاً عن الصوت

لكن يبدو ان الشاعرة تريد تضييق الصورة في الشطر الأول بحصرها ب (الشارع) وتسييجها بـ (لحن الشجن) احتواء.

وفي الشطر الثاني تريد أن يكون (وتر الشوق) صارخاً بـ (الصوت) مع أن النغم أو اللحن يتناسبان مع العازف ثم تستمطر العزف بغيمة (لغيمة الوجود).

يتوالى المشكل في نفس الشاعرة (أحمل عثراتي أمامك) يتبين أنه جنوح للخضوع أمام من تعنيه لكنه جنوح متردد يؤدي إلى انجار (أصيرها قنابل لكسر الطوق).

العثرات – قنابل

العائق – الطوق

ينكسر، يتناثر.

لا يزال أنينك طيعاً بين اصابعي

لم أيأس من خنق صدى فلواته

الوجع أنهك جسدي

أرقص تعبي

كسر الطوق الصعب لم يعود أثره على من حمل العثرات بل أيضاً إلى من حُمل إليه العثرات (لا يزال أنينك …)

وهنا نتوقف عند ملاحظة طفيفة (طيعاً) لا تتناسب مع الحال الكائن برأي فلو استخدمت لفظة أخرى تتناسب مع (أنينك) لكان أقوى وأوضح وخاصة قد ألحقته بألفاظ (خنق صدى فلواته) وإنما يمكن أن نأخذ للشاعرة منحاً آخر وهو الحنو في مشاركة الألم لها ولمن تعنيه.

(الوجع أنهك جسدي …أرقص تعبي) الدوران حول النار مع الوجع، كان الرقص حتى التعب وقد وُفقت في التناسب اللفظي (أنهك …) (…. تعبي).

غدوت ريشة

تصاحب الرياح

تغازل اللقاء على استحياء

فقد سقط قناع الكبرياء

على أعتاب الفراق المرير

تهيم الشاعرة من وادٍ إلى واد حتى غدت ريشة ترافق الرياح، ولن يُجدي (تغازل نار اللقاء) وهذا ما اتضح من (على استحياء) وإنما ما التبسته سابقاً حين كان عائقاً قد سقط (فقد سقط قناع الكبرياء) إقرار أيضاً غير مجدي لأنه جاء في وقت ضائع فوت حلاوة اللقاء بالفراق المرير.

 

 

 

        

علي سليمان الدبعي

كاتب, شاعر

 

 

 

 

        

https://www.wahaalfikir.com/ararat/3151

 

 

 

 

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman