الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / عبَّارةُ الفرحِ …. تئنُّ/ بقلم: مرام عطية

عبَّارةُ الفرحِ …. تئنُّ/ بقلم: مرام عطية

عبَّارةُ الفرحِ …. تئنُّ/ بقلم: مرام عطية

_______________

الوطنُ يسكنُ في قريةٍ صغيرةٍ تتدلَّى فيها عناقيدُ النخيلِ والرمانِ في أولِ المشهدِ ، يأكلُ مع المساكين والفقراءِ أرغفةَ الدفءِ ويحتسي حليبَ الحبِّ كلَّ صباحٍ ، و في المدينةِ حيتانٌ بشريةٌ لا تشبعُ ، جوعها مزمنٌ كأنهُ مرضٌ عضال ، و ملكُ يتكئ على برجِ الاحتلالِ يشربُ مع حاشيتهِ نخبَ الفوز ِ في كرسيٍّ جديدٍ، على طاولته كلُّ أطايبِ الطعامِ ، وملفاتُ الجشعِ ، خرائطُ  النهمِ والقهرِ  تتوسطُ الجلسةَ ، إلاَّ أحلامَ البؤساءِ كانت غائبةً ، أحلامُ الفقراءِ الورديةُ و مزارعُ القرنفلِ والياسمين على الضفة الثانيةِ للنهرِ  مربوطةٌ بسرير رغائبهم يترصدها حارسُ الهلاكِ الرهيبُ ، و أمام كنائسِ الشمسِ قافلةُ ربيعٍ  من صبيةٍ وأمهاتٍ ، المركبُ صغيرٌ لا يتسعُ إلاَّ لألعابِ الطفولةِ ، والحوتُ فاغرٌ فاهُ لا يشبعُ يغري بالمزيدِ .

ما كانت الشمسُ لتحتفي بآذارَ، وتكسو الربا وشاحَ الخضرة المزركشِ بالزمرد والفيروزِ لو كانتْ تعلمُ بالكارثةِ التي ستحلُّ بأخيها النهرِ

ياللأسى دجلةُ ينتحبُ !! تتساقطُ شهقاتهُ نيازكَ ناريةً ،

وعبَّارةُ الفرح* المحملةُ بالتوتِ والخرنوبِ، يدقُّ فيها إسفينُ التهاونِ التليدُ، تشنقها رياحُ الإهمال وتختمرُ أدرانُ الفسادِ تحتَ قميصها المرقعِ، رائحتها القميئةُ تدمغُ الأفقَ بوشم التعاسةِ، وينتهي المخاضُ بحصادٍ بشريٍّ مريعٍ.

يا إلهي! الحمائمِ تناشدُ السماءَ الخلاصَ، تمدُّ أيديها للرحمن، أما أنا فألبسُ ثوبَ الإنقاذِ المتهالكِ أنقذُ بعضَ الأرواحِ من الغرقِ ثم أسافرُ في رحلة أبديةٍ، يستجيبُ الرحمنُ للدعاءِ، ينهي الله فصولَ المأساة، ويضمُّ إلى ملائكتهِ جوقةً جديدةً من الملائكةِ، جنودُ الشعرِ يثورون يرهقون الأبجديةَ بما يليقُ بموكبٍ جنائزيٍّ، يرسمون مدينةً فاضلةً للغدِ، يسلِّمون للمقصلةِ رؤوسَ الطغاةِ، والزمن يبدأُ بعرض مسلسلَ البحثِ عن الجناةِ.

_________

مرام عطية

 

*عبارة الفرح كارثةٌ إنسانيةٌ في نهر دجلة وغرق فيها أكثر من مائة من الأطفال والنساء

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

أمة العرب والأمم المتحدة / بقلم: خالد السلامي

يعتبر العرب وخصوصا العراق ومصر وسوريا والسعودية ولبنان من اوائل المشاركين في ...

من عمق المجتمع، جداريات بجمالية داهشة للقاصة زلفى أشهبون/ بقلم: بوسلهام عميمر

                        ...

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

واحة الفكر Mêrga raman