الرئيسية / آراء قكرية ونقدية / لازمة الرفض في قصيدة “زهرة على كتف كيوبيد” للشاعرة التونسية سهام محمد/ قراءة…بقلم: علاء الحامد

لازمة الرفض في قصيدة “زهرة على كتف كيوبيد” للشاعرة التونسية سهام محمد/ قراءة…بقلم: علاء الحامد

سهام محمد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لازمة الرفض في قصيدة “زهرة على كتف كيوبيد” للشاعرة التونسية سهام محمد/ قراءة …. بقلم: علاء الحامد

………………

زهرة على كتف كيوبيد: زهرة حطت على كتف آلهة الحب (كيوبيد)، يالعنونة المباغتة للآخر، كأن الزهرة عصفور أو طير أراد أن يمتد بالمعنى وقد حمل رسالته من الباث إلى (كيوبيد) .. نحن أمام تجليات شعرية بداية من الحالة السيميوطيقية وعلاقتها بالعنونة، والعنوان له علاقاته مع ذاتية (الشاعر) ومن هنا تبدأ رحلة الشعر نحو جسد النصّ، وليس بالضرورة أن يكون العنوان جزء من النصّ، ويكفينا أنه أشار إلى ذاتية (الباث) والباث تشكيل أولي وأحد أدوات النصّ الشعري .. كما يثير العنوان الكثير من أدوات الاستفهام والتساؤلات مما يقود المتلقي إلى جسد النصّ الشعري بحثا عن إجابات وذلك لإسقاطها عن العنونة .. وهذا يعني تنمو العنونة ضمن وظيفة إغرائية تحريضية ..

علاء الحامد

نحن لسنا بزمن الإغريق طبعا، ولكن الشاعرة التونسية سهام محمد اتخذت من الزمنية التاريخية تلك المهمة المنتشرة نحو (الحب) وهي حالة إغريقية مشمسة، وحتى في زمن الإغريق، كانت الرسائل وتبادلها وأول مطلع (على الظرف) يبدأ العاشق بشطر أو شطرين من الشعر (حسب ما جاء به الناقد عز الدين إسماعيل) ومن هنا تكونت لدى الشاعرة سهام ذاتية أخرى، ألا وهي ذاتية الآن، فارتبطت الزمنية بلحظة آنية، ما بين الماضي والآن، وما بين المستقبل والآن، وقد أكد أرسطو حول هذا الارتباط الزمني أيضا. لذلك ومن هذا المسلك التصديري ما بين (الأنا) الداخلية للشاعرة و(الأنا) الخارجية، والتي قد تمثل الآخر أيضا، يتم تطابق الموضوع مع النصّ، فالتصدير الأولي عندما يبدأ بالأنا، فهذا يعني مازال النصّ معلقا ليبحث عن معان جديدة:

يا أنت..

يا قصيدة تؤرخ الإبتداءات

لكل بحور الشعر

على فضاء شاعرة متمردة

شاعرة فقط

تسبح في سماء عينيك

كغمام أليف

كرؤى تتناسل من سدرة المنتهى

..

بين الاستعارات الضمنية وحالات التشبيه تنطلق الشاعر (وكما قلت الآن) فتتحول المعاني إلى أثر، وهذا الأثر له علاقة ما بين الحالة الإغريقية وحالة الشاعرة القلبية، فهو امتداد في المعنى، فيصبح أثرا .. أثر تمكن من الغوص وذات خصوصية ومتحولات، نعم تحولات من الذات العاملة والتي استطاعت أن تغزو المتلقي الى الذات الخارجية والتي بنت علائقها ما بينها وبين الأثر وفعاليته: تسبح في سماء عينيك + كغمام أليف + كرؤى تتناسل من سدرة المنتهى .. هي حالات من التشبيه وحالات تعني لنا التمثيل الفعلي وهي تطرق أبواب النصّ، ليتحول من الذات إلى الآخر، عبر مساحة مرسومة ببطء .. فالأثر تحول بالتشبيه إلى صور متواصلة، بالرغم من التصوير الكلي للنصّ، ولكن هناك جزئيات هي التي ارتبطت ما بين النصّ الشعري الكلي وما بين تلك الجزئيات التكوينية ..

يا أنت.. + يا قصيدة تؤرخ الإبتداءات + لكل بحور الشعر + على فضاء شاعرة متمردة + شاعرة فقط + تسبح في سماء عينيك + كغمام أليف + كرؤى تتناسل من سدرة المنتهى

نحن أمام شاعرة تسبح بعينيها وتعوم ما بين أمواج النصّ الشعري، ومن هنا تم إحالة النصّ وما يحويه، بداية من العنونة من زمن (ماض – الزمن الإغريقي -) إلى زمن حاضر، باعتبار الشاعرة هي الآن وليس في زمن مضى .. مما حررت جزء من عملها الذاتي وأطلقته نحو الآخر، فالتمرد يتطلب ذلك، ويتطلب أن تكون آحادية، وما بين الفضاء والمنتهى، تقف الجمل باعتراف غير منتهي، وذلك لأن الفضاء واسع وله زواياه التي لا تحصى، بينما المنتهى حالة واحدة، وهي حساب من حسابات الذهنية ومؤثراتها النفسية وكيفية معيشة الشاعرة وما يدور حولها .

على كتف كيوبيد

مثل زهرة اللوتس المقدسة

وراء هذا الليل المسكون بك

فجرا يمسد ضبابه

ويمسح الملح

عن عيون المدن الحمراء….

..

تواجد الملح هذا يعني تواجد الماء أيضا، وعملية توظيف اللون الأحمر والذي يرمز إلى العشق، هي عملية ترابطية ما بين كيوبيد (آلهة الحب) وما بين المكون المطروح في النصّ، وأعني به الذات العاملة والتي وظفت المعاني وأخرجتها بالشكل الرؤيوي للآخر ..

ما يعنيني من النصّ الذي اعتمدته الشاعرة سهام هو لازمة الرفض، الرفض بداية من الذات، والرفض وما حولها، مما تدعو دعوة ذاتية إلى تحرر المحسوس لديها ..

على كتف كيوبيد + مثل زهرة اللوتس المقدسة + وراء هذا الليل المسكون بك + فجرا يمسد ضبابه + و يمسح الملح + عن عيون المدن الحمراء….

التكرار عادة يولد الجمال، ولكن نحن مع تأكيدات لتلك المفردة العائمة على سطح المخيلة لاستنطاقها، وليس هناك حالات غائبة سوى (آلهة الحب)؛ إذن نضيف إلى العنصر الغائب حالة من الدلالة المفتوحة لكي نرصد حضوره المستمر، وهذا ما فعلته الشاعرة سهام محمد، وكأننا أمام تفعيل متجدد لـ (آلهة الحب) وفعلا أن الآلهة تعني التفعيل والتجدد أيضا، فمعاني الحب كثيرة واعتبرها من المفردات الذكية.

التفعيل الحركي:

………………

ليس كل الموضوعات قابلة للإدراك بشكلها المباشر قد تقودنا بعض العلامات إلى الرمزية أو الأيقونة أو إيقونية، فالتفعيل هنا هو تفعيل حركي، جرت الحالة ما بين البصرية وصورتها المصغرة، لذلك نقول إن البصرية هي عبارة عن كاميرة مصغرة، وهذا ما يدفع إلى مرور الصورة بواسطة الضوء إلى العينية، فأطلقت عليها بالصورة العينية، ونعني بها، التصوير العيني – البصري؛ لذلك نقول الإدراك البصري؛ وهي حالات صحيحة تماما، وقد كتب العديد حول ذلك.

ثلاثون عاما ونيف ..+ وأنا أصنع من نثار وقتي + نظرة متقدة…. أخبئ فيها القلب + ريثما تحترق المسافة في رأسي

منذ ثلاثين عاما ونيف: قد يكون هو عمر الاستقرار الزوجي لدى الشاعرة سهام محمد، فرسمت تلك الزمنية وأرادت أن تقولها مع علاقات ذاتية، وإذا دلت الجملة فهي تدل على زمن قد مضى، والان يختلف عن الآن الماضي، في طبيعة الحال هناك تراكمات كثيرة تغزو المخيلة مما تبعث إلى الحزن والى كم من الانتقاد، وإن كان هذا الانتقاد ذاتيا – ذاتيا، أو إذا كان ذاتيا خارجيا .. ونلاحظ ما بعد الجملة الأولى تراكم الأفعال وحركتها، وهي أفعال مضارعة وأن كانت لا تعني بزمن قريب فهي تكون معنا الآن، لأن تفكير الشاعرة سهام محمد هو تفكير آني ..

نصّ لابد الوقوف حوله وتبيان الأثر النفسي للشاعرة وما حولها ..

……………

 

زهرة على كتف كيوبيد

…………………..

 

ثلاثون عاما ونيف..

وأنا أصنع من نثار وقتي

نظرة متقدة…. أخبئ فيها القلب

ريثما تحترق المسافة في رأسي

وينهض الانهمار من نوم مجاز الشعر

في قصيدتي المدججة بأحلام فينيقة

هناك…………..أين رأيتني فيك

لم أشأ أن أصحو

خوفا من أن يجف الحلم

يا أنت ….

يا قصيدة تؤرخ الإبتداءات

لكل بحور الشعر

على فضاء شاعرة متمردة

شاعرة فقط

تسبح في سماء عينيك

كغمام أليف

كرؤى تتناسل من سدرة المنتهى

كابتسامة تتفتح …نعم تتفتح

على كتف كيوبيد

مثل زهرة اللوتس المقدسة

وراء هذا الليل المسكون بك

فجرا يمسد ضبابه

ويمسح الملح

عن عيون المدن الحمراء…

 

سهام محمد /ع.الحرف

……………………………..

نشر في العدد 83 من صحيفة صدى المستقبل … صحيفة ليبية ثقافية شاملة مستقلة جامعة تصدر عن منظمة صدى المستقبل الإعلامية


عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman