الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / أنا من النوع الثاني/ خاطرة بقلم: آمنة بريري

أنا من النوع الثاني/ خاطرة بقلم: آمنة بريري

أنا من النوع الثاني/ خاطرة بقلم: آمنة بريري

ــــــــــــــــــ

 

كتبت إحدى صديقاتي في صفحتها على الفيس بوك كلاما أدهشني وأثار استغرابي.

 

فاليوم وصلني منشورها التالي:

 

” اليوم أيقنت أنّ البشر في هذه الدنيا نوعان:

 

ـ نوع أعطاه القدر الحظّ الجميل وأنعم عليه بكلّ خيرات الدنيا، فهو إنسان سعيد.

 

ـ ونوع قدّر عليه الحزن والشقاء ومهما فعل فالأقدار لا تنفكّ عن معاكسته وتحطيم آماله. فهو إنسان تعيس.

 

وللأسف فأنا من النوع الثاني ”

 

لقد فهمت من خلال منشور صديقتي أنّها تعيش فترة من الإحباط والحزن. وهي فترة عاديّة يمرّ بها أيّ إنسان. لقد أحسست بالتعاطف معها وأشفقت عليها، لكنّ الإحساس الذي غلب على مشاعري هو الدهشة.

 

والسبب هو تعجّبي أن يكون فهم صديقتي للدنيا خاطئا ومنحرفا عن الواقع بهذا الشكل رغم أنّها امرأة ناضجة وعلى درجة عالية من التعلّم وتشتغل في وظيفة سامية.

 

فهل يعقل أن تجعلنا مصاعب الدهر على هذه الدرجة من انحراف

 

التفكير؟

 

وهل يُقبل أن يدفعنا الألم من وجع نكابده إلى إلى جحود التشكّك في عدالة الخالق؟

 

فقول صديقتي لا يحتمل إلاّ معنى واحدا هو أنّ الله يميّز بين عباده فيعطي السعادة لهذا ويحرم الآخر منها.

 

لكنّ هذا ليس صحيحا.

 

ولنأخذ مثال المال مثلا فإذا رأينا أنّ شخصا حظي بنعمة المال وآخر حرم منها فهذا لا يعني أنّ الأوّل مفضّل على الثاني. أو أنّه أسعد منه.

 

وكذلك الأمر بالنسبة للنعم الأخرى. فالله يوزّع الأرزاق بحكمة وعدل.

 

فربّما يكون أحدنا قد حرم من أمر يحبّه لكنّه في المقابل تمتّع بنعم أخرى كثيرة. غير أنّه إذا نظر إلى غيره لا يرى إلاّ ما ينقصه. فإذا رأى من حظي بالنعمة التي حُرم منها هو ظنّ أنّ الله قد فضّل ذلك الشخص عليه، أو أنعم عليه وحده بالسعادة على حدّ قول صديقتي وقضى عليه هو بالشقاء.

 

وربّما تكمن مشكلة صديقتي في كونها لا تنظر إلاّ إلى النعم التي عند غيرها وتهمل النعم التي بين يديها.

 

ولو تمعّنت في الأمر لتبيّنت أنّ الله لم يظلمها، وأنّها مثل جميع البشر غارقة في نعمه وأفضاله.

 

وربّما يكون مثلها هنا كمثل تلميذين يدرسان عند نفس الأستاذ لكن في قسمين مختلفين.

 

فالأستاذ يقدّم للقسم الأوّل اختبارا وللقسم الثاني اختبارا مختلفا. لكنّ الاختبارين حول نفس الدروس وكلاهما على العدد عشرين.

 

فاختلاف الأسئلة لا يعني تفضيل تلاميذ قسم على تلاميذ القسم الآخر. فهل يعقل أن يقول أحد التلميذين: هناك ظلم، فالأستاذ طرح علينا في التمرين الأوّل سؤالا يهمّ أحد الدروس لم يطرحه على تلاميذ القسم الثاني.

 

وإذا أجابه التلميذ الثاني الذي أنجز الاختبار الثاني أنّ اختلاف الأسئلة لا يهمّ لأنّ كلا الفرضين يقيّمان مستوى التلاميذ بنفس الدرجة، أجاب الأوّل حانقا: أنت على خطأ وضلال كبير.

 

فماذا نقول في هذا التلميذ الذي يظنّ أنّ في اختلاف أسئلة الاختبار ظلما

 

له؟ أليس على خطأ كبير؟

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تخفي الهشاشة في زمن مغلق/ بقلم: مصطفى معروفي

شاعر من المغرب ـــــــــ صدِّقوا الطير إن هي مدت مراوحها في دم ...

رحل بيتر هيجز: الرجل الخجول الذي غير فهمنا للكون/بقلم جورجينا رانارد/ترجمة: محمد عبد الكريم يوسف

  اشتهر البروفيسور بيتر هيجز بهذا الشيء الغامض الملقب بـ “جسيم الإله” ...

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

واحة الفكر Mêrga raman