الرئيسية / قصة / الألم…/ بقلم: إلياس الخطابي

الألم…/ بقلم: إلياس الخطابي

الألم…/ بقلم: إلياس الخطابي

ــــــــــــــــ

 

استيقظت متأخرا، ظللت أتمدد في السرير، أحدق في السقف. منذ أمد استيقظ باكرا، رغم إنني انأم متأخرا، ربما، الآن جسدي تعب. لم يعد قادرا على شيء.  قديما حينما كنت انهض، أحسني خاو من كل الآلام، ذهني يكون صاف. الآن، حينما انهض، ذهني يملؤه ضجيج، أصوات لا علم لي بها، أناس كثيرون يتصارعون داخلي، انهض فورا كي لا انفجر.

 

وجدت أمي ترش الشعير للدجاج، حدقت بي ثم قالت ضاحكة:

-“أمي ينوا دورذ ططساذ بزا ف ” ولدي أصبحت تنام كثيرا

 

فكرت أن أصارحها، أن أقول لها:

-تعبت من كل شيء ..لم اعد قادرا على العيش ..

 

 لكنني لم افعل، لها هموما أكثر من همومي، لا أريد أن أضيف لها همي، علينا أن نتحمل همومنا وحدنا، كي نكون أقوياء في الأيام الآتية. الذي لم يتألم، لن يذوق طعم السعادة، هذا ما قرأته في كتاب لم اعد أتذكر اسمه.  ليلة أمس، قلت لصديقي محمد:

-علينا أن نكف عن لوم الواقع، وأن ننهض لنقاتل، الذين يصيرون أفضل هم الذين ينهضون باكرا ويعملون.

 

انفجر ضاحكا وقال لي:

-أصبحت متفائلا كثيرا، ما تقوله، لقد جربته وفشلت. لقد كتب علينا أن نعيش هكذا، الآن علينا أن نتعايش، لا يمكن أن نغير هذا الحال السيء إلى الأحسن

 

أديت فرائض الصباح، خرجت من المنزل، انظر في كل ما يحيط بي، قطة تموء وتموء، كلب يلهث، عصافير تزقزق، إلى أين أمضي؟

لقد تعثرت، كما أتعثر دوما. ضباب في ذهني، منذ أمد أتمشى. إنني امشي كي لا ابكي، هذا ما قاله الراحل هنري ميلر

 

أنا امشي كي أحسني موجودا، مشيت ببطء، لم التق أحدا في الطريق، شباب البلدة رحلوا إلى مدن الشمال، ليبحثوا عن مستقبل، المستقبل هنا لا وجود له. حتى العيش منعدم، الإنسان يولد هنا ليموت، لا ليعيش. لا يحق له أن يحلم، أحلامه تتبخر، يستحيل أن تتحقق.

 

زرت المقبرة، جلست قدام قبر جدتي، تأملته، رجعت بي الذاكرة إلى الوراء، تمنيت لو كانت حية، هي الوحيدة التي كنت أحدثها كأنني أحدث نفسي. شرعت في البكاء. حينما ماتت، لم ابك، لكنني كنت حزينا، أقربائي سألوني حائرين:

-لماذا لم تبك على رحيل جدتك؟ أنت أنسان له قلب أم له حجر؟

 

انفجرت في وجههم قائلا:

-حزني على رحيلها أكبر من تصريفه عبر دموع

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman