الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / الموت فرحا…/ بقلم: نورالدين محي الدين

الموت فرحا…/ بقلم: نورالدين محي الدين

 

 

 

 

الموت فرحا…/ بقلم: نورالدين محي الدين

ـــــــــــــــــــــــــــ

دائرة شيطان الهوى واسعة وعميقة …. تتجذر وتتماوج ممتدا ومتوغلا إلى أعالي وأعماق المحيطات، تتجذر وتنمو وتزدهر وتغدو كهيكلٍ عملاق على قدر قوتها في المراوغة والافتتان وتفنن في جلب الضحية إلى تلابيب الإغواء وطرحه أرضاً بين فكيها المفترسة، تاركًة جسدها العاري، أشلاء ممزقة ورفع معنوياته إلى أعالي السماء بقوة كي تفترسه أجنحة أخرى ويغدو بين فكي الخديعة بينما هو يلعق كلمات نذور الحب الوهمي تحت ثياب أوهامه الرثَة والبالية كدهون الأقبية العفنة لتسطع الشمس في زمنٍ آخر، بعيداً عن هذا الكون، وسط دوامة مجرات لم يُسمَع عنها، في طوابير علم غير مُستكشف، ولتعش الحياة كلها اللحظة في بحور من ظلامٍ دامسٍ، ظلامٌ يوصفه الأعمى ببياضٍ ناصع ببهجة وحبور، ذلك أن النور الآتي لا يبهر العيون فحسب بل هو يتلاطم كموج البحر ليلاً، تظهر ملامحه نور القمر.. يميل.. ويعلو.. ويتماوج.. وينساب. مع مدٍ وجزر. كليلة عرس طال موعده، وتذبل الأغصان مرحا بهواءٍ يداعب جذوع الآمال، وترتعش أغصانها خجلاً بنسيمٍ دار الرحيق على جنبات أسوارها الممتد من الميلاد حتى قطافها…

أنا لا أتقن صمت الكلمات. فتراني أجوب أحياناً بين أضلع الجمل واضعا أحاسيسي تحت طيات الحروف، فاضحا مشاعري المكبوتة في ظل أوقات غير مناسبة بل أدق أبواب الجُمَل، حرفٌ هنا، كلمة هناك، كغريبٍ يستنجد مأوى في ليلٍ قارس، وحين يُلبّى له يطمع بحلمٍ أوفر كمتسول جاحد.

استحضر هنا من الصوت مداد ولعي، ذلك الذي سقاني قبل أن تدركه مسمعي، ذلك الهدير المعبّق بأنينِ نايٍ حزين. يتلوى عبر نشيج شتائيٍ موحش هجرته شمس الآمال من محاضير، أبني سُوَر حول أبجديات العينين تلك النورتين اللتين تتفجر عنهما أسرار ومقامات وروايات وهسيس ليالٍ لا تنتهي، بين تلك الواحتين مساحات زمنٍ شاسع لم تطأها رؤوس أقلام، ولم تصلها قوافل القصب. هي لم تكن سوى أسرابٌ من غيوم الصيف، تلاشت قبل أن تصل، هما بِكرَتان حتى من تاريخ الوصف والشعر والقافية.

قصة أخرى، أضيفها لمكتبة حياتي، رحلةٌ دامت بين أربع من السنين سنة واحدة منها ربيع. وبقية فصول السنة، مرّة الأخرى تلظيتُ فيها بين حرقة الصيف وكآبة الخريف وجبروت البرد القارس، تمشي قافلة كتاباتي، أرصّف الحروف والكلمات، اكتب بمداد من دمّي وآهاتي، أفتح سواقي الهم من شجوني، أسقي بها أزهاري السوداء التي تعبق بشتى روائح الحزن.

لا أُدين للحياة بشيء، فهي أبخلت عليّ بُخل هواء للقمر وقبلة الشمس لهمسات الليل تتحشرج الكلمات في مقلتي، تذوب المعاني عن مستوى عقلي أعود طفلاً … أغدو جماداً مثل صخرة في وادٍ منسي حسٌ وحيد يداهمني واستشعرهُ الفلك، وكل مجّراته يدور نحو طالعي، نحو نقطة قاتمة سوداء كالليل الكحيل، لكن دون نجوم أو حتى بصيص أمل… وكل جاذبية أرضي قاتمة أنوح فرحاً، أرقص موتاً، أنام شجناً ليس لي قلباً ينبض بل بركان طول السنة يلهث خطّ مستقيم تجري فيها الأيام وخطوط ساعاتي كانهيار الثلوج تترنح فيها وجداني بين شفقة على نفسي، وبين أحقيّة أن أعيش بذنب لم يكن لي فيها سوى وجودي ومولدي في الزمن الصعب.

 

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

واحة الفكر Mêrga raman