الرئيسية / إبداعات / تلمسان مدينة الفنّ والتّاريخ (جوهرة المغرب)/نوميديا جرّوفي

تلمسان مدينة الفنّ والتّاريخ (جوهرة المغرب)/نوميديا جرّوفي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاص (آرارات)

تلمسان مدينة الفنّ والتّاريخ (جوهرة المغرب).

تلمسان بفضل لطافة مناخها وغناء أرضها وكثرة عُيونها تُعدّ من المدن الجزائريّة الأكثر جلبا للسّواح.
خضوره بساتين سهلها محفوظة الصّيف كلّه، نظرا لموقعها الجميل وجدارة مناظرها الملائمة للجولات المنعشة، وكثرة آثارها التاريخيّة وشماخة أطلالها – بقايا مجدها القديم – يُناسبها حقّا اسم (جوهرة المغرب).
شاهد أهلها غزوات متعدّدة لكونها توجد على الطّريق بين الشّرق والغرب.

الرّومان:

من بين هؤلاء الغزاة، الرّومان الذين مكثوا فيها قرونا، كانت توجد بتلمسان المسماة (بوماريا) جاليّة من الرّومان وحاميّة من الفرسان لحراسة الطريق الرئيسي.
في القرن السابع ميلادي، شاهدت تلمسان المسمّاة (أغادير) الفاتحين المسلمين بقيادة ابي مهاجر دينار، ثمّ بقيادة عقبة بن نافع.
في القرن الثامن اتّخذ أهاليها مذهب الخوارج مذهبا لهم، وجعلوا رئيسهم أبو قرة من أغادير عاصمة لهم.

الإدريسيّون:

في سنة 770 م دخل السلطان إدريس الأول أغادير، وبنى بها مسجدا -مكانه تُشير إليه المئذنة الحالية – وتمركز الإسلام في الناحية ابتداء من ذلك التاريخ، ثمّ عهد إدريس حكم أغادير إلى أخيه سليمان (المدفون بعين الحوت) وظلّت هذه المدرسة في القرن التاسع كلّه قاعدة تابعة للإدريسيين بفاس.
ربطها الفاطميّون بالقيروان بعدما كانت تابعة للأمويّين بقرطبة.

المرابطون:

في سنة 1079 م غزا يوسف بن تاشفين الملك البربريّ المراكشي أغادير، ثمّ شيّد مدينة جديدة في موقع معسكره سمّاها (تقرات)
في سنة 11366 أتمم ابنه على بناء الجامع الكبير كما بنى بجانبه القصر الكبير وأقام به.

الموحّدون:

خلفاء المرابطون ورئيسهم ابن تومرت ملكوا تلمسان من تاريخ 1144 م إلى 1236 م، حاصر عبد المومن بن علي تاشفين خليفة وابن علي بن تاشفين في 1143 م ولكن لم يتوصّل إلى أخذ تلمسان واتجه إلى وهرانن فلحقه تاشفين وتوفّي.
دخل عبد المومن وهران ثمّ رجع إلى تلمسان، فأخذها.
أحاط أبو عمران الموحّدي تلمسان الجديدة بسور، ولا تزال باب القرمادين قائمة من أهمّ بقاياه، ولم يترك الموحّدون من الآثارات إلاّ الإصلاح والتّرميم للجامع الكبير وتأسيس مقام سيدي أبي مدين المتوفّي بعين تاقبالت في تاريخ 1197 م.

الزّيانيّون:

في تاريخ 1236 م قضى يغمراسن بن زيّان، الملك البربري من بني عبد الواد – زناتة – على ملك الموحّدين و أسّس مملكة تلمسان.
و أثناء استعراض كتائب الجنود أمام باب القرمادين سنة 1254 م  وقع عليه اعتداء من طرف الميليشيا المسيحيّة، و هو الذي بنى مئذنتي الجامع الكبير و جامع أغادير سنة 1236 م ، و أسّس المشور لمقرّ إقامته.
( حكم ابنه أبو سعيد عثمان من 1285 م إلى 13033 تحت اسم عثمان الأوّل، و هو الذي بنى مسجد سيدي بلحسن – المتحف حاليّا – سنة 1296 م ، و توفّي سنة 1303 أثناء حصار المرينيّين لتلمسان، وكان شُجاعا و مُخلصا، خلفه في الحكم انه أبو زيّان الذي واجه مدّة 4 سنوات من الحصار الرّهيب ).

المرينيّون:

عربٌ رُحّل، قدماء، حاصروا تلمسان 7 مرّات بعدما قضوا على العرش المُوحّدي بالمغرب الأقصى، وفي سنة 1299 م بدأ الحصار الدّامي الذي عزل تلمسان عن العالم مدّة 8 سنوات (1299 – 1307) وشُيّد أثناء الحصار مدينة المنصورة المفتخرة بمسجدها، قصرها، مخازنها، حدائقها، حمّاماتها وديارها.
اغتيل السّلطان أبو يوسف من طرف أحد مواليه ففكّ المرينيّون الحصار ورجعوا إلى المغرب، فهدّم التّلمسانيّون المدينة الجديدة – منصورة – انتقاما لما عانوه من هموم الحصار الطّويل.
في ذلك التاريخ، اشتهر بتلمسان عالمان هما الأخويان أولاد الإمام، بنى لهما أبو حمو الأوّل، حفيد يغمراسن مدرسة ومسجدا ودارين للسّكن، كما بنى مسجدا داخل المشور.
خلّفه ابنه أبو تاشفين في الملك من تاريخ 1318 إلى 13377 م وهو سلطان فنّان، استطاع أن يجعل من تلمسان إحدى أروع المناطق في المغرب العربي، وهو مؤسّس المدرسة التاشفينيّة قرب الجامع الكبير التي هدّمها الفرنسيّون سنة 1873 م وبنى في مكانها دار البلديّة، كما شيّد الحوض الكبير، وقصر المشور.
وقد تكلّم علماء مشهورون ومؤرّخون مثل ابن خلدون والحسن بن محمّد الوزان (ليون لافريكان) عن ترف القصر والحفلات الرائعة والاستقبالات التي تُقام في قصر الملك بالمشور.

الفتر المرينيّة:

حاصر المرينيّون تلمسان للمرّة السابعة فسقطت في يد السّلطان أبو الحسن (السلطان الأكحل) 1335 إلى 1337 م، حيث جُرح أبو تاشفين وسُجن ثمّ قُتل.
بنى أبو الحسن مسجد سيدي أي مدين سنة 1339 م ومدرسة ابن خلدون وقصرا بجانبه سنة 1344 م كما شيّد قصر المنصورة، ودامت فترة المرينيّين الأولى 11 سنة وانتهت سنة 1348 م.
استرجع أمير بني عبد الواد المدينة غير أنّه بعد 44 سنوات سقطت من جديد في يد أبي عنان ابن أبي الحسن المريني، وبنى بها مسجد سيدي الحلوي.
هذا الحكم الأخير لم يدم سوى سبع سنوات.
بني عبد الواد الزّيانيّون:

استرجع أبو حمّو موسى الثاني مدينة تلمسان، وأحيا بها ملك أجداده ودام عرشه من 1359 م إلى 1389 م. وفي ذلك العهد عرف المشور شهرة جديدة. وفي سنة 1363 م بنى المدرسة اليعقوبيّة وبجانبها مسجدا أُطلق عليه بعدها اسم مسجد سيدي إبراهيم.
تُوفيّ أبو حمّو الثاني في نفس السنة التي أخرجه فيها ابنه من تلمسان.
حاصر أبو فارس سلطان تونس تلمسان سنة 1322 م، غير أنّه عدل عن تخطيطه بسبب رؤية منام مزعج فقفل راجعا إلى تونس.
في عهد أبي زيّان الذي حكم أواخر القرن الرابع عشر، شهد المشور عدّة اجتماعات للماء في مختلف العلوم.
أُرغم السّلطان سعيد على التّخلّي عن الملك و عن القصر بسبب خيانته لبيت المال سنة 1422 م.
حكم السلطان أبو العبّاس ما بين 1431 م و 1461 م ، فبنى أسوارا جديد تدعيما و دفاعا عن المشور.
حلّ الإسبان شمال إفريقيا و احتلّوا المرسى الكبير سنة 1505 م ثمّ وهران في 15055 م، بعدها تمّ لهم احتلال الأندلس.
في تلمسان انتزع السّلطان أبو حمو الثالث العرش من حفيده أبو زيّان  و سجنه، ثمّ أعلن ولاءه للإسبان و استولى على المدينة فلهذا استنجد الأهالي بالأخوين عرّوج و خير الدّين الذين كانا قد حرّرا مدينة الجزائر.
دخل عرّوج تلمسان وأهاليها تعُمّهم البهجة فأطلق سراح أبي زيان وطرد أبي حمو، حيث لقيت تلمسان غارتين إسبانيتين في 1535 م و1543 م تمكّن عروج من الهروب من تلمسان ولكن لحق وقُتل في معركة عند قرية المالح حسب الرواية المشهورة، ففي بني زناس بالحدود المغربية وهذا أصحّ، كونه طلب النّجدة من المغرب واتّجاهه نحو المالح التي كانت في يد الإسبان.
دخلت تلمسان في حكم الأتراك العثمانيّين على يد صالح، الذي أتى عليها باب سفير سنة 15555 م (قبره بمعصرة الفيتور أمام سيدي بوجمعة بتلمسان).
بقي الأتراك بتلمسان مدّة تزيد عن ثلاثة قرون، ولكن لم يتركوا من الآثارات إلاّ بناء مسجد سيد اليدون.وفي القرن 188 م الباي محمد بن عثمان، شيّد ثلاث حنفيّات خارج المشور، وترميم سيدي أبي مدين ومسجد سيدي إبراهيم المصمودي.
احتلّ الفرنسيّون تلمسان للمرّة الأولى في 3 يناير 18366 م بقيادة الماريشال كلوزيل، ثمّ غادرها بعد شهر مُخلّفا بالمشور القبطان كفينباك.
بايع القبائل الأمير عبد القادر سلطانا عليهم، فأعلن الجهاد ضدّ الفرنسيّين وهزم الجينرال تريزيل هزيمة شنعاء. وفي تاريخ 10 مارس 1837 م وقعت بين الأمير عبد القادر والجنرال بيجو معاهدة صلح تافنة، فكانت تلمسان من نصيب الأمير.
انتصر الأمير عبد القادر في معركة سيدي إبراهيم بالسواحلية، قرب الغزوات. وفي سنة 18455 م اتّجه إلى المغرب فأُخرج منه وسلّم نفسه للفرنسيّين سنة 1847 م.
فظلّت تلمسان منذ ذلك التاريخ تحت سيطرة الاحتلال الفرنسي إلى فجر الاستقلال سنة 19622م

بعض الآثارات التاريخيّة:

الجامع الكبير: 530 هـ/1136 م ( الدولة المرابطية)
سيدي إبراهيم المصمودي: 765 هـ/1364 م ( بني زيان)
سيدي أبي مدين: 739 هـ/1339 م ( بني مرين)
سيدي الحلوي: 754 هـ/1354 م ( بني مرين)
مسجد سيدي البنا: 8 هـ/15 م ( بني زيان)
مسجد سيدي اليدون: 11 هـ/18 م ( في عهد الأتراك)
مسجد سيدي مرزوق: 8 هـ/ 15 م ( بني زيان)
مسجد الشيخ السنوسي: 996 هـ/1486 م ( بني زيان)
مسجد أولاد الإمام: 710 هـ/1307 م ( بني زيان)
مسجد المشور: 717 هـ/1317 م ( بني زيان)
سيدي أحمد بلحسن: 696 هـ/1297 م ( بني زيان)
مسجد سيدي لحسن: 850 هـ/1453 م ( بني زيان)
منصورة: 698 هـ/1299 م ( بني مرين)

 

 

 

(نوميديا جرّوفي)

شاعرة,باحثة

      

 

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

القيم الاجتماعية في عشيق الليدي تشاترلي للكاتب دي اتش لورنس/ محمد عبد الكريم يوسف

في رواية دي إتش لورانس المثيرة للجدل، عشيق الليدي تشاترلي، يلعب موضوع ...

آهٍ إن قلت آها / بقلم: عصمت دوسكي

آه إن قلت آها لا أدري كيف أرى مداها ؟ غابت في ...

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

واحة الفكر Mêrga raman