الرئيسية / قصة / رواية قنابل الثقوب السوداء …الجزء 5/بقلم:إبراهيم أمين مؤمن

رواية قنابل الثقوب السوداء …الجزء 5/بقلم:إبراهيم أمين مؤمن

رواية قنابل الثقوب السوداء …الجزء الخامس

بقلم:إبراهيم أمين مؤمن

………….

وصل أخيرًا إلى الحيّ ودلف باب العمارة، فأسرع مؤيد بسيارته حتى يبصر العمارة التي يقطنها.

دلف حجرة فهمان ليطمئنّ عليه فوجده عاكفًا على الحاسوب، بينما مكثَ مؤيد في سيارته لم يخرج منها وهو يتنصت عليه.

وكان فهمان لحظة دخول أبيه يبحث عبر المواقع الإلكترونيّةِ العربيّةِ والأجنبيّة عن خبر جريمة قتل الفندق التي كلّمه أبوه بشأنها فما وجدها، لكنّه أعمق البحث وظلّ منغمسًا فيه حتى أنّه لمْ يشعرْ بدخوله، وعندما زاحمه في النظر إلى الحاسوب انتبه فهمان ثُمّ قال ..اليهوديّ لمْ يمتْ يا أبتِ.

سمعها مؤيد من داخل سيارته عبر جهاز التنصت فاقشعرَّ جلده ووظّف كافة حواسه للمحادثة.

ألقى فطين بالقدّاحة بجانب الحاسوب ثمّ ردَّ بثقة بني، عندما يتعلق الأمر بأمن وكرامة دولة يصبح الغريب مألوفًا والمألوف غريبًا وتتبدّل كلّ المفاهيم، زفر زفرة ثمّ تابع كلامه.. في تصورهم أنّ قتل رجل منهم وفى عقر دارهم أمر مشين وعلى ذلك فلابدّ من ردّ فعل كبير.

بني ..هم يتربّصون بي ويبحثون عنّي متنكرين، ولنْ يهدأ بالهم حتى يستردّوا كرامتهم.

-ولذلك قررتَ أن تغيّر وجهك.

-كيف علمت ؟ ثمّ نظر إلى الحاسوب فأجابه بنفسه ..من الحاسوب! ولدي عندما تريد أن تعرف شيئًا فأسأني أنا ولا تفتّشْ ورائي .

-سمعًا وطاعة أبتِ .

-هكذا يجب أن يكون سلوكك مع أبيك ومع البشر يا بني .

ثمّ تركَه فطين وذهبَ إلى حجرته مغتمًا .

سمعَ مؤيد الحوار الذي دار بينه وبين ابنه، وما إنْ انتهى الحوار طأطأ مؤيد رأسه مع قوله إنّ هذا الرجل هدفه، ولابدّ أن يجنّده فهو سيمثل له ورقة رابحة ومكسبًا كبيرًا في إطار صراعهم ضد اليهود.

نزل مؤيد من السيارة ومعه الهاتف ثمّ توجّه تلقاء أحد المحال ليعرف رقم الحجرة التي يقطنها فطين.

وصل المحل وطلب علبة سجائر وزجاجة مياه، ثمّ سأله عن فطين، حيث قال له ..أيّها السيد، هل يسكن في هذه العمارة رجل يلبس لاسة وجلبابًا و …؟

رمقه عامل المحل شزرًا كأنّه يقول له ..هنا مصر، كلّ شيء له سعر حتى السؤال.

أهمله البائع، بعد لحظات قال ..لِم تسأل عنه؟

فأجابه. يريد الزواج بأختي وأنا لا أعرفه، ثمّ أردف الطبيب قائلاً.

استأذنك. كم الحساب؟

ردّ البقال خمسون جنيهًا سعر زجاجة المياه، ومئة وخمسون جنيهًا سعر علبة السجائر يصبحان مئتي جنيهًا.

وأخرجَ مِن جيبه العملة المصريّة الجديدة وهي فئة الألف جنيه، وأخذ يحركها يمنة ويسرة وعين البائع تدور حيث حركة يد الطبيب، فقال البائع بلهفة ..سأخبرك، اسمه فطين ولا يعيش معه إلّا ابنه وجاء هنا بالأمس فقط.

غضب مؤيد قائلاً.. قلت لك كم رقم حجرته؟

فأومأ البائع بعدما عدَّ أسماء السكان وأرقام حجراتهم ثمّ قال ابحثْ عنه في الدور إمّا الرابع أو الخامس. ألقى الطبيب له الورقة بقرف واشمئزاز بعدما استردّ منها سبعمئة جنيهاً، ثمّ ولج باب العمارة وطرق باب الدور الرابع والخامس ووقف على بسطة السلم المشترك بين الدورين، ففتح باب شقة فطين وكان بالدور الخامس فارتفع وحيّاه.

-نظر إليه فطين باستغراب مستفهمًا إيّاه ..أنت، أنت؟ لماذا تتبعني؟

-فقال ألَا ترحّب بضيوفك ؟ أمْ تتركني على الباب؟

-أتفضل.

-أجلسه في ردهة المنزل ورحّب به ونادى على ولده قائلاً يا بني أحضر زجاجة مياه على الفور.

-قال الطبيب..أمعك سجائر؟

أخرج له فطين سيجارة فأخذها ووضعها الطبيب بين شفتيه ونظر إلى فطين قائلاً.. ألّا تشعلها!

فأخرج قداحته القديمة وهمّ بإشعال السيجارة، فأشار الطبيب بسبابته إشارة الرفض ثمّ قال القدّاحة الجديدة، أشعلْها بالقدّاحة الجديدة.

تعجّب فطينُ مِن رغبة الطبيب لكنّه لمْ يعتنِ بالأمر، وعلى الفور نادى على ولده كي يحضرَ القدّاحة مِن الحجرة، ولمّا أشعل له السيجارة خطفها قائلاً تلك عصاي أتوكأ عليها ..كما أعرف عصاكَ التي توكأتَ أنتَ عليها منذ يوم ونصف؟ .

فتعجّبَ فطينُ مِن قوله ثمّ قال له ادخلْ في الموضوع على طول.

-قال مؤيد. لِمَ قتلت يهودي الكيدون؟

-ظنَّ فطينُ على الفور أنّ الدكتور مؤيد بلّغ عنه وأنّ الشرطة على الباب الآن رغم علمه المسبق بحالته فأجاب…لا أدري عمّ تتكلم…سكت هنيهة…ثمّ قال…حضرتك طبيب أم محقق؟

-فندق هيلتون طابا يا فطين… وتابع كلامه على الفور ، أتذكر هذه القداحة ؟ وفتح الطبيب إيّاها دون أنْ يمهله الردّ وأخرجَ منها جهاز تنصّت ثمّ أخرجَ هاتفه الذكيَّ وأسمعه الحوار الذي دار بينه وبين ولده.

انفعل فطينُ وجرتْ الدماءُ في عروقه وعيناه ترمي بشرر كالقصر، أقبل على الطبيب ورفعه مِن ياقة بذلته بكلتا يديه إلى أعلى وهمّ بإلقائه مِن النافذة فقد أعماه الغضب عن فعل الحلم والروية والتدبير، كما فعل ذلك من قبل عندما ذهب إلى الفندق لقتل اليهودِيّ إذْ جرفه سريان الدم في عروقه عن نفس الفعل أيضًا.

حاول الطبيب الخلاص من قبضة فطين ولكن محاولته فشلت بسبب قبضته الحديديّة، تكلم ولا يكاد الكلام يخرج من سقف حلقه لأن قبضته بمنزلة حبل خنقه، هنيهة واحدة وكادت تجحظ عيناه بينما فطين لا يكترث لحالته واستمر في إطلاق السب واللعنات.

سمع فهمان هدير صوت أبيه من الداخل فهرول مسرعًا، فرأى المشهد على الفور، فذُعر وأمسك يد أبيه ليدفعها بعيدًا عن الطبيب بيد أنّ يد فهمان لمْ تحرك ساكنًا.

ولمّا صرخَ فهمان وصاح صياحًا شديدًا رماه فطين متبرّمًا لاعنًا ثمّ قال له…يا خائن يا ابن الكلب.

وسارع فهمانُ نحوه يفكُّ أزرار البذلة حتى يتنفس.

استنهضه فهمانُ وأجلسه على كرسي، وناوله بعض الماء حتى إذا استراح قال لفطين متهدج الأنفاس.

………… يتبع

    إبراهيم أمين مؤمن

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman