الرئيسية / قصة / في الصيف/ بقلم: سامح ادور سعد الله

في الصيف/ بقلم: سامح ادور سعد الله

في الصيف/ بقلم: سامح ادور سعد الله

………………

 

وبعد طول انتظار في حرارة الصيف، أخيرًا امتلأت السيارة حيث ركبت أسرة كاملة جلست إلى جواري وانطلقت السيارة مسرعة بقائدها جامد المشاعر، فظ المنظر ذي الوجه المليء بالندوب ودخل الهواء البارد كي ما يلطف من جو السيارة المميت؟ ورغم هذا كانت سيدة من ركاب السيارة لم تنقطع أبدا من التأفف والتقزز من الصيف والمواصلات وجحيم السيارة، والزوج المتمرد يحاول أن يرضيها أو يصبرها بعبارات بسيطة (ادينا راجعين) المدام: (توبة إن كنت أرجع هنا.)

وكنت أسمع هذا وأضحك ولم أر شيئا يستدعي كل هذا وخاصة بعدما تخلل الهواء البارد نوافذ السيارة وفيما نحن نستمتع بالهواء النقي حتى أشعل رجل أمامنا سيجارة اضطرب الجو كله بسببها وعندما يستنشق دخانها ويعود ينفث دخانها كالحية كان يجري للأمام ويعيده الهواء بقوة للخلف وكانت رأس الرجل تشق الدخان نصفين وينتشر الدخان في جميع أرجاء الصندوق الحديدي وعذرتُ هذه المرة السيدة من التأفف وأنا أكاد أنفجر غيظاً من هذا الرجل البارد، واستأذنته بأسلوب عنيف أن يطفئ السيجارة ولكنه رفض، قمت أنا بشيء من اللطف واللين متحججاً بالسيارة الصغيرة والجو الحار الممل والركاب لا تحتمل أكثر.

غضب الرجل وكمد غيظه ونفث الدخان بشدة وصرخ معها غاضبا وأطفأ سيجارته وبينما كنت أتصفح الجريدة حتى دفع الولد الجريدة في وجهي فنهرته أمه بشدة واعتذرت لي وابتسم أبوه دون كلام. ولكنني أغلقت الجريدة وفضلت اللعب مع هذا الصبي فكنت أداعبه حتى شد انتباهي سرعة السيارة القادمة في اتجاهنا وأعطى إشارات غريبة لقائد سيارتنا ولكنني لم أفهم هذه الإشارات حتى أثارت فضولي وفضول كل المسافرين وسمعت كلمة مع الإشارات وأعذرني لم أفهمها،

دون شك أن هناك في الأمر أمرا، لكني لم أشغل بالي طويلا واستكملت اللعب ولكن سمعت صوت السائق يقول (اليوم ده مش فايت، ناقصة العملية غم) وتوقف السائق لحظة وأخذ ينظر يمينا ويسارا وكأنه يفكر أي الطرق يختار واستقر رأي السائق على الانحراف نحو اليمين على الطريق الترابي الموازي للجبل واستمرت السيارة في العدول، وبدأت تظهر الريبة على وجوه المسافرين وسألني الرجل بخوفه الواضح على تعابير وجهه إلى أين يذهب بنا السائق؟ أخبرته أني لا أعرف ولكن هذا ليس طريقنا وفاض الخوف أكثر وأكثر في عيون الزوجة وحل الارتباك عليها عندما سمعت من أحد الركاب يا رب استر. وارتفعت دقات القلوب حتى كادت تسمع وكانت السيارة تسير وكأنها تعوم فتارة تعلو وتارة تهبط ويصطدم الركاب بعضهم ببعض وبالسيارة أيضا.

يفرد الرجل يديه جامعا أسرته كالدجاجة التي تجمع صغارها تحت جناحيها فتضم الأم ابنها ويضم الوالد ابنته حتى تلاصقت الأجسام وألبسهم الخوف ثوبا أحمقا من شدة الرعب والفزع اقتربت منهم أطمأن عليهم بعدما أصبح بيني وبينهم فراغ كبير والركاب أمامنا تنهر السائق ومنهم من يداعب صاحبه قائلا:

اليوم نحن ذاهبون عند زعيم الجبل. وينظر للخلف ويبتسم وتارة يقهقه بصوت عالٍ. ولسان حالي يقول: يا لقسوة قلوب هؤلاء البشـر ينظر الأطفال إلى والديهم بعين الجهل والخوف الذي ما لبث أن دخل إليهم جميعا وزعزع شجاعتهم, الوالدان لا يملكان سوى السكون، شعرت حينها بالضجر والخوف ولكن ليس الخوف مثلما يخافون هم بل لأجل هؤلاء الصغار ودقائق حتى ظهرت أمامنا سيارات الشرطة والأقماع البرتقالية ومعها رجال الشرطة , صرخ قائد السيارة أتركها هناك أجدها هنا , انفرجت أسارير الركاب وتحول الخوف ألي طمأنينة وانبعث الفرح في عيون الأم والأولاد وتفككت الأجسام و تشجع الأب وانفرجت عضلاته ظن أنهم وصلوا لبر الأمان و أخيرا هجمت إسراب الجراد فرقت كل قوات الشرطة و عادت السيارة تسرع أكثر.

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman