الرئيسية / قصة / لا تخفْ.. لن نضيع / بقلم: إبراهيم يوسف

لا تخفْ.. لن نضيع / بقلم: إبراهيم يوسف

تسامر الصديقان ليلاً طويلا، وتحادثا في الثقافة العامة بفيض من المعرفة والإدراك والمودة الحسنة، وتطرقا في الحديث إلى الزراعة والصناعة والتجارة. ثم تناولا كساد الأحوال العامة وشؤون المعيشة ذات الصلة بالأوضاع القائمة بين الناس، وتداولا في توظيف الأموال المُجمَّدة، وأي النظامين أنفع وأجدى الاشتراكية أم الرأسمالية لإدارة شؤون البلاد..؟

ثم عقدا العزم في نهاية السهرة على المشاركة في التجارة.. بعد أن زيَّنَ الهِرُّ لصاحبه خلال الجلسة المؤنسة، حلاوة العيش في الأحلام، وأهميةَ التجارةِ الحرَّة والمبادرة الفرديَّة والكَسْبِ الحلال، وأقنعَه بالمهارةِ والمنطقِ والبرهان كيف تتحول الأحلام إلى حقيقة واقعية لا تقبل الجدال، وكيف يجنيان أرباحاً طائلة تفوقُ ما يتصورُه الخيال، فيغدوانِ بين ليلةٍ وضحاها من كبارِ التجّار ورجالِ الأعمال. ثم يجوبانِ الدُّنيا ويبددان الأرباح على الهوى والاستجمام والرحلات الممتعة مع الإناث الفاتنات. هكذا اضطلعَ الكلبُ بتأمينِ المال على أن يتولى الهرُّ إدارةَ الأعمال.

صبيحة اليوم التالي كانَ الشريكانِ في طريقهِما للتجارةِ في بعضِ الدِّيار؛ والمالُ بحوزةِ الهرِّ المدير، حينما أغواه الشيطانُ وحرَّضه أن يغدرَ بشريكِه ويسلبَه المال.

قالَ الهرُّ لصاحبِه: فلنفترقْ ها هنا.. لعله إنِ افترقنا يتضاعف حظُّنا في العثور على الفرصة الأنسب، والمزيد من الربح المرتقب لو وجد أحدُنا تجارةً نافعةً في الطريق..؟ هكذا سيحالفُنا الحظُّ أكثر ثم نعودُ ونلتقي لاحقاً في إحدى ضواحي المدينة.

لكنّ الكلبَ صاحبُ الضمير الحيّ والنِيَّة الحسنة قال لصاحبِه: سنضيعُ إن اختلفتْ بنا الطريق..! والهرّ طمأنَ صاحبَه قائلاً له: لا.. لا تخفْ أبداً لن نضيع، ما دام الله قد أنعم علينا بحاسة شمٍّ مرهفة سيتعرَّفُ كلانا إلى دربِ صاحبِه من رائحةِ بولِه على المفارقِ، وعندَ المنعطفات على الطريق. بناءً على ذلك فقد افترقَ الشريكانِ، ومضى كلُّ واحدٍ في سبيل.

حفظ الكلبُ الأمانة ووفى بالتزامه في الحرص على تنفيذ الاتفاق، فكان كلّما دَعَتْه الحاجةُ يرفعُ إحدى قائمتيه الخلفيتينِ، ليبوِّلَ على حيطانِ المفارق لكي يستدلَّ شريكُه إلى الدرب الصحيح. وأمَّا الهرُّ؛ فكانَ كلّما دعتْه حاجته إلى التبول والتبريز..؟ يحفرُ جورَةً عميقة فيقضي حاجتَه فيها، ويروحُ يطمرُ مخلفاتِه بسرعة فائقة.. وحرص شديد.

عن Xalid Derik

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman