الرئيسية / قصة / ليلة من ليالي الشمال الحزينة/بقلم: سناء علي الداوود

ليلة من ليالي الشمال الحزينة/بقلم: سناء علي الداوود

ليلة من ليالي الشمال الحزينة.

بقلم: سناء علي الداوود

………………………………..

مدينتي تصمت في ظهرها وبعد ظهرها الثقيل، ثقل الحنين على قلب عاشق يعدّ ثواني الساعة..

يشقّ صوتها الخفيف صمت الشارع العريض..

“لو سألوك عني وعن هوايا…

ما تقولش إنك زعلان معايا..

ده لو سألوك……..”

يرتفع تواتر صوتها كلّما اقتربت من زميلاتها المتجمّعات، بالقرب من الهاتف.

– ” وصلت ربة العطر…إي شو هاد…عطرك بيوصل قبلك بزمن…وصوتك العاشق يا عمي شوها الرومانسية…”

– كيف الصبايا الحلوات، تشاوي ! كيفك يا كردية…. غنيلك “دلبرين….جوان حاجو”..هالغنية ياااللطيف شو بتعمل فيني.

-” والله برافو عليكي..لغتنا صعبة..بس ما في شي بيصعب عليكي، يا عمي هالبنت الحمصية شغلة  ؟

merci beaucoup, merci –

خجلتيني… شو فيها رفيقتك أم دموع سخية؟؟؟

– يالله انا كتير ندمانة، مبارح شفتو.وما قدرت عبرلو عن شوقي، حتى الحكي ضاع مني عالآخر..

– دخييييييييلك انت….. لا تندمي على شي.. بكرا بتحكو…و بتملواا…جاي الأيام..

– يا خيتي، انتي شغلة، ورح تضلي مثلي الأعلى في اقتحام المستحيل!!!

– هههههههههه..اقتحام شو؟؟!!!!!

الله يخليكي حلّي عني، بدي احكي مع بيي و أمي..

دعولي ما تورم عيني من شي كف وبعدها بسوفكن بالغرفة… ساعتها رح فكر باقتحام مادة الدكتورة إيفا الجفصة… واذا نجحت مثلا !!!!!

هههههههههههههههه ضحكة جماعية

في الغرفة ٣١٤، بعد التحطيم المعنوي الذي تلقتّه من أبيها بترك الجامعة إذا ما نجحت السنة….

– هه.. قال ربة العطر ؟؟ لأ وكمان الحب….. وكمان ما بتعرف المستحيل ؟؟؟؟؟!!!!!

والله رح صدق هي الكذبة..ولا بالفعل أنا كذبة؟…. النجاح بهالمادة هو المستحيل شو؟؟؟

آآآآآآه،….وينو هالحب؟؟!!!!

بعد الصلاة رح ادعي ل الله يخليني أحلم فيه، حتى لو هو ما بيتذكرني !!!!

وسط ضجيج الصمت، في الغرفة الخالية…..بعد سفر صديقتها الغجرية،، غفت،،وهي تتوسّل :

” يا رب خليني أحلم بوجهه”…

حتى غرقت بالنوم، وأيضا بالحلم !!!!

” طريق طويل وصوت سيارة، هواء النافذة يتخللّ مسام وجهي وربّما يصل إلى قلبي، شعري ملفوف على شكل كرة صغيرة،… سمعت همسة “افردي شعرك…”، ونفذت بكل سعادة، طار شعري مع هواء النافذة. ولامس وجهه…. تغلغلت يده في شعري وسرت كهرباء سحرية من خصلات شعري، حتى أسفل قدميّ…. ينظر إليّ بابتسامته الجذّابة اللذيذة، والله هو يدرك تماماً أنني هائمةٌ في حبّه وأنّ شوقي إليه يقودني بجنون نحو ظلامٍ لا نور فيه إلّا نور عينيه العميق وسطوة ابتسامته.

يطول الطريق ويطول زمن تحليقي سعادةً أتقصّد أن أحرّك رأسي ليلامس شعري السابح في الهواء، خديّه….

يغمز لي أنه هكذا، حلم باللقاء.

 

طرقٌ قويٌّ على باب الغرفة، يحاول طرد الحلم وهي تتشبّث به: لا..لا ترحل أرجوك، مازال هناك القليل من الوقت…!!

صحون متنوّعة فوق مفرش السفرة ومشروب…. ضحكات عالية، موسيقا ودبكة…. يمسك بيدي ويشدني نحوه ،تعلو الموسيقى و ندبك سوا…!!!

 

يعود الطرق القوي على الباب…. وهي تتمتم: لا يمكنك الهروب…. ابق في حلمٍ يجمعنا وحدنا…فقط.

جاء الليل وصار وقت النوم، كيف أنا وهو بغرفة وحدة!!

ليس مهماً…. جلس بقرب الراديو، يا لطيف…

قابلني

والأشواق في عينيه

سلّم

وخد إيدي ف إيديه…

جلست مقابلة له وبيننا أرض الغرفة اللي كانت متل الصحراء العربية!!

تبختر الصمت بيننا، وآلاف الاحتمالات ….

نام وأنا نمت بعيداً عن وجهه!!

كان ضوء القمر يهيم في الغرفة، يفترش البعد بيننا ويساومه، على الأقل أعد لهم زكاة الطريق!

_هل سمعت صوته؟؟؟؟ أهمس ل روحي: “بروح لعندو؟؟ ايييييي …

بدون ما يطّلّع بوجهي، مد إيدو و نمت عليها!!

بين وجهي ووجهه عشرة أنفاس، لا أجرؤ على أكثر…” يا ريت يضمّني وحس بأنفاسه تحضنّي، يا ريت وجهي يلتصق بصدره وأنسى حالي…. بدي شعري يغمرو، وبدي عيوني تخبرو قديش اشتقتللو…!!!!

امتزجت أنفاسنا معاً في قبلة مسروقة من مستقبل مجهول….

وغفت جفوننا معاً،بلحظة متكاملة من الحب والحنان والرقة…

عند الفجر فتحت عيوني، ما صدّقت…أنا وين؟؟؟

نايمة بحضنك!!!!

وجهك بوجهي، عيني بأحضان رمشيك!؟

ببوسة صغيرة  رمش بعينيه……حبيبي،

بحبك كتير….. وصوته نصف غافي.

تحدثنا صباحاً، واتفقنا على تاريخ ميلاد حبنا ،واقترحت 20 حزيران ،ضحكنا كثيراً لأن هذا الحب أكبر مني بشهر، و سيبقى هكذا مهما امتد العمر..

 

طرقٌ قويٌّ على الباب،أصوات البنات تعلو: لازم نكسر قفل الباب، أفقت على الضجة.

كانت جارتي بالغرفة، ونهضت مسرعة لدرجة أنني لم ألحظ الدخان الكثيف

– شوفي ؟ شوفي ؟ رح افتح الباب..يالله…

– بسرعة..بسرعة لبرا….صار الك شي…..الحمد الله عسلامتك.. ما شايفة البطانية عم تنحرأ…في حدا غشيم أدك….ليش مشغلة السخانة..وكمان جنب السرير..

– بسيطة بسيطة هاي انا…ماصرلي شي…كنت حاسة حالي بردانة شوي.. وبكل برود..طفيت السخانة.. وحملت الحرام المشتعل ورميته في البهو… رجعت عالغرفة وجلسنا قليلاً…بعد أن فتحت الشباك….لأغير الدخان الصاعد ربّما من رأسي!!!!!

 

جلست فوق سرير صديقتي الغجرية : يلعن أبوكي لأبو رفيقتك الحمقاء…ضروري تسافري هلق!! وحق مولاكي… أذا ما جبتي جبنة…لأنكش شعرك

هدأت وطال الليل وضاقت الغرفة أكثر مع أنها بالأصل متر بمتر….ليس لدي سوى الشباك على الشمال..

وصوت وردة: “مين ده اللي يخدني منك…..

ولا وللا يبعدني عنك……

دا هواك يا نور عيني وعد ومكتوب…

عليي ومسطر عالجبين…أنا عايزة معجزة..”

يكسر صمت الليل وصمتها.

وبتنهيدة عميقة: أغنيتي….يا ترى لسا بيتذكر أغنيتي؟؟؟

شكرا الك يا هالشباك وانا عاجزة عن شكرك يا صنوبرتي، شكر لله، خلقك جارتي في وجهي ليل نهار،مباركة براعمك الجديدة.

لو انك تعلمين: أنا حلمت به اليوم ،حلمت به اليوم…..

 

أجاهد لأستعيد بعض أجزاء حلمي، استرجع ابتسامته وكلمة..( بحبك )، يعود صدى صوته مراراً حتى أغفى…..

 

فتحت عيوني الصبح ع صوت الغجرية اللي رجعت من السفر….وعم تعزل الغرفة وعلى طريقتها بتشوف رجليي برا الحرام بتكب عليهن مي باردة..

يالله فيقي….اشتقتلك كتييييير….أهلي بيسلموا عليكي…..جبتلك معي ملوخية مطبوخة وكمان جبنة… وكمان شريط /صادق حديد عالربابة…ايييييي/هههه

رح جهز الفطور

وقفت، طلعت فيها،، ومتل العادة…

رميت حالي بحضنها وضمتني بنفس القوة التي لم تخفّ

أبدأ حتى بعد ٢١ سنة.

١٨/٦/….

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman