الرئيسية / تقارير وإعلانات / مراكش … مركز عناية يحتفي بذكرى إعادة إحياء معلمة دار الشريفة التاريخية بتنظيم ندوة فكرية وأمسية فنية متنوعة

مراكش … مركز عناية يحتفي بذكرى إعادة إحياء معلمة دار الشريفة التاريخية بتنظيم ندوة فكرية وأمسية فنية متنوعة

مراكش … مركز عناية يحتفي بذكرى إعادة إحياء معلمة دار الشريفة التاريخية بتنظيم ندوة فكرية وأمسية فنية متنوعة

مراكش ـ لالة مالكة العلوي:

نظم مركز عناية أمس برياض دار الشريفة بمراكش ـ المغرب ندوة علمية حول ” ظاهرة اكتئاب الأطفال واليافعين وتعرضهم للانتحار” بمشاركة الباحث الدكتور عبد الرحمان آيت يحيا الأخصائي النفساني والباحثة السوسيولوجية الكوتش نادية بوغليد والباحثة التربوية والشاعرة مالكة العلوي.

في بداية اللقاء الذي جاء في إطار احتفاليات مراكش بذكرى 18 سنة على إعادة إحياء معلمة مراكش الثقافية دار الشريفة، ألقى الدكتور عبد الرحمان آيت يحيا الضوء على مفهوم الانتحار كظاهرة لازمت الإنسان منذ الأزل متجلية في صفات عدة، منها الدينية كما في العصور اليونانية القديمة، أو صفة الشهامة والكرامة في الحضارة الرومانية إلى غيرها من الصفات ذات الأبعاد النفسية الاجتماعية.

وقبل التطرق للجانب السيكولوجي للانتحار لابد من الإطلالة على الإحصائيات العالمية حول هذه الظاهرة، مذكرا بكشف منظمة الصحة العالمية في تقريرها حول الانتحار لسنة 2012 أن معدل الانتحار على مستوى العالم بلغ 8.4 لكل مائة ألف نسمة، أي ما مجموعه 800000 ضحية كل عام، حيث يشكل ثاني أكبر وفاة الفئة العمرية 15-29 سنة، وهذا الرقم يعني انتحار ضحية كل 40 ثانية.  وذكر أيت يحيا بالتقسيم الجغرافي لضحايا الانتحار حيث نجد في كوريا الجنوبية اعلى معدل انتحار في العالم وقد بلغ 36.4 ضحية لكل 100.000 نسمة، كما نجد في السودان اعلى معدل انتحار في الدول العربية والذي بلغ 11.4 لكل 100.000 نسمة.

وأشار الدكتور أيت يحيا للمقاربة حسب مثنوية الشكل الجنسية، إلى أن الذكور أكثر إقداما على الانتحار بمقدار الضعفين مقارنه بالإناث، وهو ما يسري حسب المتدخل على كل دول العالم حسب نفس المصدر، باستثناء 4 دول وهي الصين والعراق واندونونسيا وباكستان حيث نجد أن الإناث أكثر إقداما على الانتحار.

بالنسبة لبلادنا، يقول آيت يحيا أن عدد المنتحرين بلغ سنة 2012، 1628 ضحية، مما يعني انتحار إنسان كل 6 ساعات، وانتحار طفل يتراوح بين 5 سنوات و14 سنه كل يوم تقريبا بنسبة بلغت 0.9 لكل 100.000 نسمة بينما بلغ المعدل العام 5.4 لنفس الحجم. المثير للانتباه بالنسبة لبلادنا هو ارتفاع حالات الانتحار بنسبة %97 بين سنتي 2000 و2012، إذ كان العدد 928 وأصبح 1628 ضحية.

وحسب نفس المتدخل فالقراءة السيكولوجية، يرتبط الانتحار بثلاثة اضطرابات نفسية أساسية: الاكتئاب خصوصا في درجاته الحادة ثم مرض الفصام وهول أكثر الأمراض العقلية انتشار، وأخيرا الصدمات النفسية. والذي استجد في هذا الباب بنسبة للأطفال والمراهقين هو الانتحار الناتج عن الألعاب الإلكترونية، إذ سجلت 130 حالة انتحار على الأقل في كل أنحاء العالم نتيجة لعبة الحوت الأزرق، أما التوزيع الجغرافي للضحايا فتشمل كل دول العالم، وضمنهما تونس حيث بلغ عدد الأطفال المنتحرين 10 ضحايا ضمنهم طفل في الثامنة من العمر.

المداخلة الثانية قاربت فيها الباحثة والكاتبة العلوي مالكة فواعل الإمحاء التربوي ومشاكل إعاقات اندماج الأطفال واليافعين في منظومة التربية، إن على المستوى الأسري أو التعليمي التعلمي. مضيفة خلال مداخلتها الدقيقة ” أننا نتغيا عبر لقائنا الإنصات إلى الذات، نغريل النحن، في عالم مشكوم بعصوات الإيديولوجيات المستهلكة، ونوادي الفتن الإلكترونية، ليسقط أبناؤنا في مغبات التيه والضياع والانزلاقات بكل أشكالها” معتبرة أن منظومتنا المجتمعية تعوزها التخطيطات والرؤية السديدة، مع ما يتطلبه الإبداع في مجال التربية من تأطير لظاهرة تصلب الحوار بين الأسرة والمتمدرسين، وانسحاب ذلك على مستوى التقصير والانحياز للانكفاء والانغلاق الفكري والتربوي، وفشل المنظومة التربوية .
هذا وقاربت الجلسة الحوارية الفكرية، مداخل التيه التي يعيشها الأبناء جراء سوء الاندماج التربوي، حتى أنهم يفقدون وهج الحياة، فيفقدون توازنهم أمام أول مشكلة تعترضهم أو مواقف صعب تواجههم، ليقاطعوا العالم ويغلقوا على كل أبواب التواصل مع محبيهم، رغم انشغالهم، يشعرون بالفراغ، وفي بداية انطلاقهم نحو الأماني والآمال، يفقدون الوقود الذي يشعل حماسهم، يشعرون بالملل والفراغ رغم صخب الحياة من حولهم وتطور الآليات ووسائل اختراق العالم اتصاليا وتواصليا، حسب تعبير العلوي دائما.
أما المستشارة التربوية والكوتش في مجال التنمية البشرية الأستاذة نادية بوغاليد فأكدت في مداخلتها القيمة على دور وأهمية الكلمة الطيبة في تجاوز الكثير من مصاعب الحياة، واحتواء المواقف، والابتعاد عن كل أشكال التمزقات التي تعانيها الأسر والفضاءات الاجتماعية، مُلحة على ضرورة ترسيخ ثقافة الحب في علاقاتنا داخل مؤسساتنا الأسرية والتربوية فالله محبة والحب أرقى درجات الفعل والحقيقة والحياة، فالحب هو العقار الشافي من كل المحن.. وبه ومن خلاله نتجاوز الكثير من المشاكل.
حرص اللقاء على الوقوف على مجموع الأسباب التي تؤدي إلى انزلاقات الشباب وتعمق تيههم من قبيل : أزمة الهوية/ الهوية بين الواقع والمأمول / ضعف الترابط والحب الأسري/ الفراغ الروحي والجهل بالدين ومعارفه/ البكم الاجتماعي الاختياري الذي أصبح يسطر على كل المجموعات الاجتماعية ويدخلهم في حقبة عميقة من الصمت، لانزواء الأفراد خلف شاشات الهواتف والألواح الإلكترونية بأشكالها….
انفتحت الجلسة الحوارية على حضور نوعي لإعلاميين وتربويين ومتخصصين في علم الاجتماع والقضاء وفعاليات المجتمع المدني ليرتقي نقاشا مفتوحا على إشراقات نيرة من أصفياء عناية ليغتني اللقاء بإضافات لامعة وومضات يانعة .ولم يفت مركز عناية تقديم الإصدار الأدبي الجديد للروائي والمؤرخ المراكشي عبدالعزيز ايت بنصالح الموسومة ب ( العارفان ). ففي لمحة أدبية عبقة تم تقديم الإصدار؛ بعد وجبة الفطور الرمضاني في أجواء حميمية دافئة، حيث ارتشف الجميع شهد الأمثولة السردية التاريخية العجيبة (العارفان) الصادرة مؤخرا عن المركز الثقافي للكتاب، بعد تجربتين رائدتين سابقتين وهما (طيور السعد) و (العميان). أخذ الكاتب ايت بنصالح الجمهور الحاضر في جولة بانوراميه ذابت يواقيتها بين جذور التاريخ الإسلامي العربي وشخوصه الأسطورية.  مقاربة عرفانية جسدتها تقاطعات رجلين أحدهما أبو العباس أحمد بن جعفر الخزرجي السبتي أكبر أولياء مدينة مراكش. لا يخلو من ذكره كتاب عن التصوّف في بلاد المغرب، وهو أشهر رجالات مراكش السبعة على الإطلاق. والآخر محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي الشهير بـ محيي الدين بن عربي، أحد أشهر المتصوفين لقبه أتباعه وغيرهم من الصوفيين “بالشيخ الأكبر”.  حوار تعاقدت فيه كل أدوات البذخ اللغوي والتناص التاريخي واستحضار الذائقة التراثية الفاخرة، بأسلوب ينساق طواعية ولا يلوي على أثر من باقي الكتابات المقلدة أو السائبة.

الحفل الذي تخللته وجبة فطور رمضاني على شرف الحضور والمشاركين توج بحفل فني من الموسيقى الروحية والإنشاد السماعي الراقي أحيته مجموعة الصوابني للمديح والسماع برئاسة الفنان المخضرم الحاج إدريس الصوابني والفنان جلال وشقيقه الفنان فؤاد الصوابني.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman