الرئيسية / قصة / نارين بين النارين/ بقلم: خالد ديريك

نارين بين النارين/ بقلم: خالد ديريك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نارين بين النارين/ بقلم: خالد ديريك

…………….

 

ذات يوم وهي تساعد والدها في المزرعة,نارين :أبي ، أريد أن أصبح طبيبة أطفال ،لكن لا أريد أن أتوظف في مشافي المدينة ، لا تعجبني قباحة الغازات العادمة وهي تملأ السماء ولا صخب السيارات الكثيرة والمتنوعة التي تجعلني في الذهول ، نعم يا أبي أشعر بالضجر كلما سافرت معك إلى المدينة لا أعرف متى أعود إلى منزلنا ، واستنشق هواء قريتنا ، وأحلم في مزرعتنا بين الأزهار وعطر الورود ، ومع زقزقة العصافير بين الأغصان ، اشتاق حتى إلى عصبية أمي عندما أساعدها في تربية المواشي،أريد أن أفتح عيادة لي هنا وأساعد الأطفال الفقراء في قريتنا وكل القرى التي حولنا لا بل كل أطفال العالم.

الوالد وهو ينظر إلى عينيها اللتين تشعان بالبراءة والحماس، نعم وأنا حلمي أنا أراكِ طبيبة وإخوانك أيضاً في أعلى المراتب، ويتنهد الوالد ثم يقترب منها ويلمس خدودها، لكن حتى تكوني طبيبة، عليكِ تحمل جنون المدينة، فالحلم والطموح لا يتحققان إلا بعد جهد وتعب، هنا لا توجد الجامعات.

نارين: نعم يا أبي، أعدك من أجل الهدف سأتحمل المحن مهما كانت قاسية وسأعود إليك طبيبة.
الوالد :وأنا أعدك أن ابني لك العيادة هنا.

لم يكن يعرف كل من نارين ذات ستة عشر ربيعاً ووالدها أن يكون هذا آخر حديث جدي وعفوي بينهما، فالوالد كان يعاني من اضطرابات في التنفس، واتجهت حالته نحو الأسوأ فيما بعد حتى وفاته المحزن في نهاية المطاف بعد بضعة أشهر.

سجلت ودرست في الجامعة بعد عدة أعوام وكانت متميزة بين الطلاب، وشاء القدر أن تنسج عشاً مزخرفاً بالنبض والهيام مع زميل لها في الدراسة رأته فارساً لأحلامها، لكنها لم تكن تتخيل يوماً أن تتعرض إلى طعنات بالسكين من قبل ابن عمها وهي في آخر السنة من التخرج.

يا إلهي، ليلة مظلمة وشتاء قارس ومطر شرس والدم يسيل من صدر نارين، في هذه اللحظة وصل حبيبها كاوا.

 

بعد عدة أيامٍ، يعطي كاوا شهادته للمحقق وهو جالس بجانبها في المشفى.

نارين كانت محيرة لابن عمها منذ صغرها حسب العادات، وكانت ترفضه وتحتج بالدراسة، وكنا نخطط للزواج بعد التخرج وأهلي كانوا سيحاولون أن يفهمهم بقصتنا، إلا إن ابن عمها كان يشك في أمرها وبدأ يراقبها واستطاع أن يعرف حقيقة الرفض من فم نارين ذاتها في تلك الليلة المرعبة.

 

بينما يقول ابن عمها: إنها ليلة العبر لمن يحاول طي التاريخ والعادات للآباء والأجداد، وأي عادات هذه التي كادت أن تفقد لنارين حياتها وهي في عز ربيعها، ويستمر الوعد رغم المخاطر.

 

بقلم: خالد ديريك

 

العدد 539 من صحيفة كوردستان، القسم العربي 01.07.2016

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman