الرئيسية / مقالات / نبذة عن موريتانيا/ بقلم: سلمة با

نبذة عن موريتانيا/ بقلم: سلمة با

نبذة عن موريتانيا/ بقلم: سلمة با

…………….

لكل شعب ولكل بلد، كما لكل أمة شيء يميزها عن غيرها، شيء يجعلها مختلفة عن باقي شعوب العالم، قد يكون أدبا، ثقافة، … أو أي شيء آخر ولكن دائما هناك ذاك الشيء القائم على الاختلاف والتميز وهو ما يجعل من هذا العالم غنيا بمحتواه.

كذا موريتانيا هي من شعوب هذا العالم هناك شيء يميزها عن غيرها، هناك ثقافة تخص بها، فهي تعتبر كيانا شاملا تضم أكثر من عرق وأكثر من مجتمع، لذا فهي تمتاز بخاصية التنوع، فكل مجتمع فيها يتميز بثقافته وأدبه واهتماماته وحرفه …. إلخ، مما يجعل من هذه البلاد، بلادا بألوان مختلفة وخلفيات متنوعة، فما هو الأدب؟ وما هي الثقافة؟ ثم ما هي الاهتمامات الموريتانية الأدبية؟

الأدب هو أحد أشكال التعبير الإنساني عن مجمل عواطف الإنسان وأفكاره وخواطره وهواجسه بأرقى الأساليب الكتابية التي تتنوع من النثر إلى النثر المنظوم إلى الشعر الموزون لتفتح للإنسان أبواب القدرة للتعبير عما لا يمكن أن يعبر عنه بأسلوب آخر وهذا مجرد تعريف بسيط، ولكن بالإمكان فهم منظوره، فما الذي يعنيه الأدب للموريتانيين؟

موريتانيا هي أرض المليون شاعر كما هو المعروف عنها و الرائج فيما يخص شأنها الأدبي ، هذا ما يدور في خلد كل شخص حالما تذكر موريتانيا ، بل هو أمر يقيني لا يقبل النقاش لدى سكانها ، و هذا ما فتح لها أبواب  الشهرة الأدبية من أوسع طرق ، حلق بها إلى سماء الأدب العربي و ذلك نظرا لظروفها البدوية التي عاشتها منذ زمن سحيق ، فاللهجة السائدة ( الحسانية)  تميل كثيرا للغة العربية إذ هي إحدى مشتقاتها لذا يتربع الشعر قائمة الأدب الموريتاني، فكما هو الملاحظ فإن هذا الاهتمام بالشعر لم يأتي من فراغ ، إذ كانت الظروف البيئة والثقافة الشفهية هي الفارضة لهذا الأدب لأوائل الموريتانيين ، ضف إلى ذلك التمكن منه يساعد على حفظ العلوم الشرعية و ما يمت لها بصلة.

لم يكن هذا الأدب منغلقا أو منطويا على ذاته، فكان رحب الصدر لكل ما يأتيه من خارج محيطه والذي اختصر في العالم العربي الذي شهد نهضة أضافت أنواعا أخرى للأدب العربي، مما أثر وجعل الأدب الموريتاني يخضع لهذا التغيير بعد أن كان كل اهتمامه الأدبي ينصب على الشعر، كان الموريتانيين ينظمون الشعر بسلاسة ويعمدون إلى مساجلات شعرية وذلك لمعرفة من منهم ينظم الشعر أحسن من الآخر، عمد الجيل الجديد إلى التركيز أكثر على نوع مختلف للأدب وهو (الرواية، القصة القصيرة.) فجاء الجيل الجديد متمردا على الشعر حتى وإن لم يلغيه تماما فإن اهتمامه بالأخير بات نسبيا جدا وذلك بوصفه للشعر بالمكلف وصعب الفهم، فأرتأى إلى صب اهتمامه بالرواية حيث يمكنه من تغطية موضوع أكثر شمولية ومعالجة قضايا واقعية وكسر قيود القافية والوزن والروي.  مع أن الإقبال بهذا النوع الأدبي ليس بالكبير إلا أن الموريتانيين بدأوا ينظرون له على أنه أدب يستحق  المحاولة.

ﻳﺘﻤﻴّﺰ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺸﻤﻮﻟﻪ ﻷﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻓﻬﻮ ﻳُﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻛﻌﻠﻢ ﺍﻟﻠّﺴﺎﻧﻴّﺎﺕ، ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ، ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، مما يسمح بقول أن الثقافة هي :نظﺎﻡ ﻳﺘﻜﻮّﻥ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﺍﺕ، ﻭﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ، ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢّ ﺗﻜﻮﻳﻨﻬﺎ ﻭﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﻓﺌﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻜﻮّﻧﻬﺎ ﺃﻱّ ﺷﺨﺺ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻗﻮﻱ ﻭ ﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻛﻪ، ﻭﺗﺪﻝّ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﻴّﺰ ﺃﻱّ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ، ﻣﻨﻬﺎ : ﺍﻟﻔﻨﻮﻥ، ﻭﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻬﺮ ﺑﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﻷﻋﺮﺍﻑ، ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟيد السائدة و القيم و غيرها.

الثقافة الموريتانية تتميز بكونها همزة وصل بين مكوناتها المختلفة فالثقافة الدينية التي تتمثل في الدين الإسلامي هو أقوى رابط يجمع الشعب الموريتاني ، إضافة إلى القانون و القيم ….إلخ، و جاء الزي التقليدي الموريتاني متناسبا مع متطلبات الثقافة الدينية، يمكن ببساطة رؤية  ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻗﺎﺕ ﻳﺮﺗﺪﻭﻥ ﺯﻳﻬﻢ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰألا و هو ذاك الرداء الطويل المكتمل و يتميز بفتحة ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﺑﻼ ﺃﻛﻤﺎﻡ، و فيها عند الصدر جيب كبير، خيط بطريقة فريدة، أو قد يكون الرداء طويلا حتى الركبتين مع جيبين عند الفخذين و طويل الأكمام، أما النساء فإنهن يرتدين “الملحفة” و هي عبارة عن فلقتين مخيطتين تلبسه المرأة الموريتانية مع عقد عقدتين صغيرتين عند المنكبين و هما تسميان ب “اخلال”، إضافة للملحفة فإن الموريتانيات يرتدين نمطا آخر من الملبس يتشكل في “الثوب الإفريقي النسوي”.

هناك ثقافة أخرى ألا وهي ثقافة السمنة هذه أيضا تعتبر من عادات الموريتانيين أي على المرأة أن تتميز بجمال يتمثل في السمنة وهو ما يظهر جمالها لدى الموريتانيين ويجعلها سيدة قومها ومطلوب يدها للزواج، هذه من عادات الثقافة الموريتانية، ولتكون سمينة فإنها تعمد إلى نمط من الغذاء مغاير لمحيطها ألا وهو “لبلوح” وهو طعام يتكون من “كسكس واللبن أو الماء”، يعتبر الموريتانيين هذه العادة من عاداتها المتصلة وهي جزء من هويتها.

ﺍﻟﻔﻦ هو ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺑﺼﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺳﻤﻌﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﺩﺍﺀ ‏( ﺣﺮﻛﻴﺔ ‏) ، ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﻟﺠﻤﺎﻟﻬﺎ ﺃﻭ ﻗﻮﺗﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻴﺔ، و الفن في موريتانيا يتعدى إلى الموسيقى و الحرف اليدوية كالرسم و النحت و العمارة لم تكن هذه الأخيرة تلقى ما يلزمها من زخم مطلوب لتطويرها و شحذها، قديما حتى بات الشباب ملمين بها و يهتمون كثيرا لكل شيء لم يكن يلقى اهتماما كبيرا ، فالفن من الناحية اليدوية يلقى كثيرا دعم الشباب و يجعلون منه منبرا للتعبير عن طموحاتهم و آرائهم بل يعتبرونه طريقهم لسلم النجاح.

وهم إذ يهتمون بهذا الفن اليدوي أيضا لم ينسوا الفن الموسيقي، وأجروا نمطا في تحديثه فبدل “الهول” الذي كان سائدا فيما مضى وكانت آلاته تختصر في “آردين وتيدينيت” وينقسم إلى قسمين هما “الهول لبيظ والهول لكحل” فإن هذا الجيل الجديد قد غير من نمط هذه الموسيقى وطورها كثيرا وقسمها إلى أنواع مختلفة مع إضافة آلة حديثة لها ك “ابيانو والقيثارة” ليصبح وقعها على الأذن أكثر حداثة ومتماشيا مع ما يتطلبه سوق الموسيقى، ولكن من حين لآخر لازال بعض الشباب يستمعون للهول القديم.

السينما في الغالب هي انعكاس فكرة ما على الشاشة بفضل ممثلين قاموا بتلبية دعوة المخرج و اقترح عليه فكرته و آمنوا به، فعملوا معا ليصنعوا فيلما أو مسلسلا تبث على القنوات، و هذا العمل يحمل رسالة بطريقة كوميدية أو درامية…إلخ، هذا ما تمثله السينما في العالم، أما فيما يخص الشأن الموريتاني فإن السينما فيه لازال يزحف و يحاول جاهدا أن يقف، فالأعمال التي لها علاقة بالشاشة لا تؤخذ على محمل الجد، يبثون بسيطة تحمل رسائل متنوعة و هي في الغالب تنجح لأن المجتمع من نفسه يميل للدعابة دوما، و لكن في سنة 2015 أخرج المخرج الموريتاني (عبد الرحمن سيسوكو) فيلما بعنوان “تمبكتو” و هو فيلم نال استحسان الجميع بمن فيهم النقاد و قد رشح لعدة جوائز أوسكار، و حاليا هناك مسلسل قيد التنفيذ بعنوان “الغابة” و من المقرر بثه في شهر رمضان المبارك.

تبقى موريتانيا فريدة مميزة بكل ألوانها وما تضمه من عرق ومجتمع، فهي إذ تقع أقصى شمال إفريقيا تؤمن بأن لها هوية وماض معلوم وحاضر تعيشه ومستقبلا زاهرا ينتظرها

Salimata Ba

عن Xalid Derik

3 تعليقات

  1. جيملة كعادتكي و إن كان ينقص بعض التعريف عن الثقافات الأخرى التي تزخر بها موريتانيا كالثقافة الصونوكية و الوللفية و البولارية و كلن لا يسعني إلا أن أقول و أشيد بما أفدتي به من وصف وتعبير متمخضين من معرفة ملمة بالثقافة الموريتانية راجيا أن توسعي من بحثكي في الثقافة و العادات لألا تنسي الشاي الموريتاني و الكسكس دمتي و دام حبرك

  2. كل كلمة قلتها توزن بالصيعان ذهبا لكني اسفت كثيرا حين وجدت ان معرفتك للتراث المورتاني محدود فما ذكرت لا يتعدى كونه لمجتمع واحد و بقيت اربعة جميل انك تعرفين ثقافة الاخرين لكن الاجمل معرفة ثقافتنا اولا

  3. كان ماتحدثتي عنه من آدب و ثقافة و فن هي من ثراثنا

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman