الرئيسية / خواطر ونصوص شعرية / هُروبُ الغُراب والبُومِ في فَجِرٍ مُبَكِّر/ بقلم: فاضل البياتي

هُروبُ الغُراب والبُومِ في فَجِرٍ مُبَكِّر/ بقلم: فاضل البياتي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هُروبُ الغُراب والبُومِ في فَجِرٍ مُبَكِّر/ بقلم: فاضل البياتي

ــــــــــــــــــــــ

* إلى كلِ إنسانٍ نَزيهٍ وعَفيفٍ ومُثْمِر، رُغمَ نَعِيق غُرابٍ أو بُومٍ.

فَلتَهنَأ أيُها الإنسانُ البَهيّ مَعَ إطلالَةِ كلِ يومٍ جَديد.

هُروبُ الغُراب والبُومِ في فَجِرٍ مُبَكِّر

بقلم: فاضل البياتي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رُبَما أُوهَبُ نَشوة أزَلِيّة

لِحَبِيبَة سَرمِديّة رَحَلت عَني، غَدَاً.

رُبَما أَمسِك سَراباً…

يَتَجَلّى بَينَ كَفَيَّ سَلامَاً وَيَقِينَاً وَسَكَن

وأنا ألحائِرُ كَلَهفَة تُمتَحَن

بَينَ زَمْهَرِيرِ الغُربَة

ونارِ أشواقِ الوَطن؟

إنّني أَمنَحُ حلمي ألمُؤجَلِ والمُراق

للبَراءة، لِلطفُولة، لِلضحايا، لِأَكُفِ الفُقراءِ في العراق

فَعَسى يُنبِتُ أَخضَر، ها هُناكَ في قِفارٍ

رُوّيَت مِن دِماءٍ وَدُمُوعٍ تَنْهَمِر…

رُبَما يُمكِنُ ذلِك

بَعدَ أن يَمضي العُمُر.

*

لَن أكونَ أَبداً حُبَاَ مُحَنّط

لَن أُغَيَّبَ بِالزَمانِ

إِنَني ضَوءٌ جَرِيحٌ مُتَجَذّر بالمَكان

وَتَوَزع مِثلَ لُغزٍ لَيسَ يَملِكهُ أحَد

وَالمُخبِر، والمُزَيّف، والمُسخ

عَقَدوا الطَوقَ حَوليَّ

لِسِنِينٍ في حَذر

واحِدٌ لَم يُتقِنُ دَورَه كَنَديم

آخَرٌ يَفرِضُ نَفسَهُ كَدَلِيلٍ مِن دُخان

ثالِثٌ عِندَ بداياتِ الفرَح، كَعَلامَة لِلجَحِيم.

*

رُبَما الليَّلةُ سَأحلَمُ بالصَباحِ… بالفَجِر.

وَلكِن كَيفَ أَحلُمْ…!

ها هوَ البُومُ أمامَيَ قَد ظَهَر

مِثل جِنيٌة عَجوز تَعتَلي غُصنَاً تَيَبَّس وَتَعرى مِن حَياة..

فَتَعَرَّت مِن حَياء.

والنَعِيقُ والنُواح يُربِكا دِفئَاً مُهَلهَل

لِحَزينٍ مُرتَهَن، مِثلَما يَغزو ألمُشَرّد الشِتاء.

وعِيُونُ البومِ تَقدَحُ بالشَرَر

أو تُحَدِقُ بَعدَ حِينٍ بِإنطِفاء

وَنَدِيمي، صَوتُ كَلبٍ سائِبٍ يَنبَح، تَدَجَجَ بالسِلاح

ضِدَّ زَخاتِ المَطر، ضِدَّ أفراحِ الضِياء.

وزُحامٌ مِن هِرَرّ

تَتَصارع بِضَراوَة، بالمَخالِبِ والنِقُودِ والخَمر

تَفتَدي أُنثىً لَعوبَاً، بالعَراءِ تَنتَظِر

تَرقِبُ مِنهم قَتيلاً، يَنتَصِر…

وَالنَعِيقُ مُستَمِر… مُستَمِر.

وصَراصِيرٌ تُثَرثِرُ بِكأبة وَرَتابة

وَتُغَنّي الإشاعة في الصَحافة المُشتراة والمُباعَة

وإذاعة في إذاعة

تَختَلِط، تَتَنافَسُ بالكِذب، بالثَواني، كُل ساعَة

وَصراخٌ وَعَويلٌ وهُراءٌ

مِن شُويّعِر

زَجَّ بَغله بَينَ خَيلِ الشُعَراء

إِعتادَ تَشْوِيه الحَقائِق

وسُكارى، بِشَجاعَة مِن خَيال وسُّعَار

تَنتَصِر ثَوراتهم

لا بِفَوّهاتِ البَنادِق

بَل بِفَوهاتِ القَناني، ضِدَّ أشخاصٍ كِبار.

*

هذا فَجِرٌ آخر يُشرِقُ في ذاكِرَتي

يَطردُ مِنها نَخاسٌ أهبَلّ

أفنى عُمرُهُ يَتَسَوّل

ذِهابَاً وإياب.

في الظُلمًةِ يَتَلَصَّص مِن ثَقبِ الباب

رَضَعَ مِن ثَديِ أُم مُسَيلَمة الكَذّاب

وَماتاب….

وَتابَ في سِرِهِ عَن عِشقِ البَذرة في أرضِه

وأعلَنَ في غَفلةِ مَن كانوا في غَفلة، أو مازالوا في غَفلة

إنّهُ وسواسٌ خَنّاس، مَهزوزٌ خائِر يَتَوسّل…

مَنحوتٌ مُتَشَكِل كَغُراب.

مُتَجَرِّد مِن إحِساسٍ أو مِحراب

يَتَغَنَجُ في خُيَلاء

فَيَحسِبُ نَفسَه سَليلُ ذَكاء.

وَصياحُ الديك يُطلِقُها صَرخة

صباح مَساء…

– كَذّابٌ… كَذّابٌ.

لَيسَ يُطِيقُ بِزُوغ الفَجرِ

فَوَلّى مُنهَزِمَاً… وَغاب.

*

هذا فَجرُ آخر أرنو فيهِ مِن بُرجِ حَدائق ذاكِرَتي بِبَهاء.

أُشاهِدُ بُومَاً، رِمّة دُون حِراك

فُنِيت مَراتٍ … مَرات

يَسكُنُ فِيها قَلبُ الشَرِ…. ومات

أرقُبُ دُميّة تَستَجدي

فَخراً وَمَدِيحاً زائِف

مِن هذا أو ذاك…

لِتُجَمّل صُورتها النَكراء.

فَلا تَفلَح، إذ يَفضحُها شَفَقِ الفَجِر

فَتَهرُب، وتَمضي لِسُبات…

*

ها أنا اليَوم أفِقتُ، كُنتُ كابُوساً أعيش، ولكِني صَحَوت

ومَعي الحلم وَمُفعَم بِالأمَل… بالرَجاء

كَي يفوز الناس، كُل الناس في أرض بِلادي بِهَناء

دونَ خَوفٍ وارتِيابِ

دونَ بُومٍ أو غُرابِ..

وليَعِش أسمَ العراق في الأعالي

يَلمَعُ بَينَ النِجُومِ أو فوق السُحاب..

*

أجَل… أجَل…

ها أنا الآن أفِقتُ، مِن كابُوسٍ أَفقت

فَسَخِرتُ وضَحَكِتُ

ومازِلتُ جَبَل…

إنّني أَمنَحُ حلمي ألمُؤجَلِ والمُراق

لِلجَمالِ، لِلتَسامحِ، لِلمَحبَة في العراق

فَعَسى يُزهِرَ أَخضَر، ها هُناكَ في قِفارٍ

سُقِيَت مِن دِماءٍ وَدُمُوعٍ تَنْهَمِر.

رُبَما يُمكِنُ ذلِك

حَتى لَو يَمضي العُمُر.

 

الشاعر والفنان والكاتب

 فاضل صَبّار البياتي

ستوكهولم. السويد

 آذار 2019

عن Xalid Derik

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman