الرئيسية / قصة / اللحظات الأخيرة/ بقلم: عنان محروس

اللحظات الأخيرة/ بقلم: عنان محروس

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اللحظات الأخيرة/ بقلم: عنان محروس

قصة قصيرة …

ــــــــــــــــــــــ

رأتهُ … قادماً بسرعة … خائفاً … ركع أمامها بخشوع، كمن يطلبُ الغفران من ربهِ عند دنو أجلهِ ..

نظرتْ إليهِ بإشفاق، وهي أحقُ بالشفقةِ منهُ …

الحمى التي تعاني منها بعد ولادتها ابنتها ما زالت تستبيح جسدها منذ أيام … وقد أخذت من شرايينها كلّ امتيازات الحياة …

وكأنّ لم تعد لها صفةُ رسمية على هذه الأرض …

وها هي تنتظر ختم النهايةِ لتستقيلْ ….

اقترب أكثر ….

داعبَ عِطرهُ أنفها وعادت إلى ما مضى …

ليالٍ قضاها بعيداً عن سريرها … لم تسعفهُ ذاكرتهُ بوجودها … أو نخوتهُ بالسؤالِ عنها أو عن ثمرةِ ما تحملهُ في بطنها منهُ ..

 

جاهلةً هي بلحظاتهِ … وكيفَ يقضيها، إلا ما تبقى من آثارها من علاماتٍ على رقبتهِ وقميصه الأبيض ..

وبقايا عطرٍ لأنثى غيرها …

ولا تنسَ بعضاً من رسائل وصورٍ خليعة على هاتفه المحمول.

الآن … أدركت … وحتى هو أدرك …

أنه كان منذ ثلاث سنوات وكأنها الدهر يختالُ سعيداً بأقدامِ أنانيتهِ فوق قبرها الدنيوي، ابتدأ بظلمهِ يجولُ ويمرح من بعد شهرٍ واحدٍ أو أقل من توقيعِ ورقةٍ هزيلةٍ، أثبت فيها أنها له …

وفي بيتهِ جارية …

صكُ ملكية … حكم عليها بسحقِ إنسانيتها … وقتلَ كرامتها ومنحَ ما يسمى سندها الحق، بإلقاءِ حفنة ترابِ جديدة فوق جثتها مرة تلو المرة …

الذكريات المسمومة جعلت نبضها يتسارع تارة … وتنخفض وتيرتهُ تارةً أخرى … يدهُ الآثمة التي قتلتها مراراً تحنو عليها الآن بعطفٍ مزيف وقلبٍ مخادع …

ومع أن أصعب اللحظات لحظة ما قبل النهاية … كانت سعيدة …

تيقنت أنها لا بد راحلة …

ابتسمت بارتياح …

ابتسمت ابتسامةً أكبر ثم علت وجهها صفرة الموت …

ونطقت الشهادتين.

 

عنان محروس

عن Xalid Derik

تعليق واحد

  1. ليالٍ قضاها بعيداً عن سريرها … لم تسعفهُ ذاكرتهُ بوجودها … أو نخوتهُ بالسؤالِ عنها أو عن ثمرةِ ما تحملهُ في بطنها منهُ ..
    قصة جميلة
    وأسلوب أجمل

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الكتابُ … / بقلم: أحمد بريري

  الكتابُ خيْرُ صحْبي فيهِ تلقَى المعْلوماتِ منْ علومٍ وقرِيضٍ وتاريخِ الموجوداتِ ...

أحلم بعيون ذكية / بقلم: سامح أدور سعدالله

أحلم بعيون ذكية أتغمض عيناي الغبية  ذكائي؟ تلك هي المعادلة التي تحتاج ...

قصيدة”سكارى بالكرة” للشاعر مصطفى معروفي/ بقلم: عبد الرحمن منصور

1ـ القصيدة: سكارى بالكرة شعر:مصطفى معروفي نظـلُّ بهـا علـى وهْــمٍ سـكـارى***و قد ...

الفصام / بقلم: عــبــدالناصر  عــلــيوي الــعــبيدي

  ———- الــصدقُ فــي الإنــسانِ خيرُ فضيلةٍ فــــعــلامَ تــكــذبُ أيــهــا الــكــذابُ – ...

أشياؤها الخمس / بقلم: فراس حج محمد

  [محاولة رثاءِ امرأةٍ ضاعت في جنون الحرب]   أشياؤها الخمسُ التي ...

الأخلاق في رواية عشيق السيدة تشاترلي للكاتب دي إتش لورانس / بقلم:محمد عبد الكريم يوسف

  أثارت رواية دي إتش لورانس “عشيق السيدة تشاتيرلي” الجدل والنقاش منذ ...

السياسة في أنتوني وكليوباترا / بقلم: محمد عبد الكريم يوسف

    في مسرحية ويليام شكسبير “أنتوني وكليوباترا”، تلعب السياسة دورا مركزيا ...

نزل المطر/ بقلم: آمنة بريري

نزل المطر   فاصطبغ الكون بالصفاء والسموّ   وسرت نسمات شذيّة تلامس ...

واحة الفكر Mêrga raman