رسالة إلى أبي/ بقلم: سناء الداوود
_______
اليوم ، يغدرُ بي شوقي لأبي.
رأيته في حلمي ليلة أمس، و هو في أجمل حلّة،
في زيّه العسكري المنقوش في ذاكرتي مع (البيريه الحمراء) الأنيقة، كان زيا” للسلام يا أبي…
وأنا التي تشتاقُك و قد غابَ السلامُ من داخلِ قلبها.
و في مخيلتها زيارتُك المفاجئة لنا نحن عائلتك الصغيرة،في اللباس العسكري الكامل الجهوزية للقتال…بعد حصار بيروت .
أذكرُ حزامَ خصرك ،و الذخيرة التي ترتدي جسدك، و خوذتك..
آه ،يا إلهي،كم عشقت تلك الخوذة،وكم رأيتكَ قويا” حينها،و كم تمنيتُ لو غافلتُ النوم لأبقيكَ في عينيّ…
حملتُ بندقيتَكَ ذاتَ يوم ، وملأتُها بالذخيرة ..
لكنَّها لم تفدني في ضعفي هذا ،لا هي ولا ذخيرتها….
كلُّ الصورِ في ذاكرتي ،تزيدني شوقا” لذراعيك
و لصوتك و لضحكتك النادرة..
اليومُ، ماعدت أراكَ تصيدُ لنا من البحيرة، و ماعدت أنتظر فستاني المميز عن كل بنات القرية …و لا حتى موعدنا الصباحي لنلعب كرة القدم معا”…و لا زراعة الشجيرات حول بيتنا ..
و ماعدت أنتظر عودتك متأخرا” ليلا”..
فقط أنتظر رؤية وجهك..
و أشتاقُ لحيتك البيضاء..
لأمحو صورة بكائك ك طفلٍ بين ذراعيِّ،على فراق أخيه الصغير..
كم الحياة قاسيةٌ يا أبي.
إنها أكثرَ قسوةٍ من غضب ِوالد ، و تخلّي صديق..
إنها مربية غير فاضلة.
ما أكثر ما يجب أن يُقال،لكنه لا يقال.
و ربما لن يقال أبدا”..
#سناء_ الداوود .